
الجامع الكبير، هو أشهر مساجد صنعاء وأول جامع عمر في الإسلام بعد عمارة المسجد النبوي إذ تشير المصادر إلى أنه بني في زمن الرسول (صلى الله عليه وسلم) وبأمر منه حيث بعث الصحابي وبر بن يحنس الأنصاري واليا على صنعاء سنة 6هـ.
اختلفت الروايات حول مؤسسه إلا أن عمارته ترجع إلى عصر مبكر ويسبق تاريخه مسجدي البصرة والكوفة وجامع الفسطاط وقد بني الجامع في حديقة الوالي الساساني باذان غربي غمدان وتماشيا مع طبيعة العصر جاءت عمارة المسجد بسيطة على شكل مساحة مربعة 12 متر تنقسم إلى ثلاث ظلات بواسطة اثني عشر عمودا منها المنقور والمسمور وله مدخل واحد.
وقد تعرض هذا المسجد إلى العديد من العمائر باعتبار أنه من أوائل المساجد التي بنيت في اليمن في صدر الإسلام فقد عمره الوليد بن عبد الملك 86 : 96هـ /705 :715م في ولاية أيوب بن يحي الثقفي ويعتبر محرابه في مقدمة المحاريب التي بنيت في صدر الإسلام .
أما في العصر العباسي فقد عمر على يد عمر بن عبد المجيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أول وال لبني العباس في صنعاء ثم تبعتها عمارة كبيرة أجريت عام 136هـ/754م على يد الأمير على بن الربيع بأمر من الخليفة المهدي كما عمر على يد الأمير محمد بن يعفر الحميري من ضمنها عمارة السقوف الخشبية بخشب الساج ثم جرت له عمارة على يد السيدة أروى بنت أحمد الصليحي عام 525هـ/1130م.
كشف أثري
عثر علماء الآثار عام 2006م بإشراف خبيرة الآثار الفرنسية الدكتورة ماري لين على آثار سراديب وآثار لبناء قديم لا زالت تلك الآثار تحت الدراسة، وقد اكتشف كشف أثري مهم قبل ذلك بسنوات أثناء إزالة الجص من الجدران حيث تم كشف أثري مذهل حيث اكتشف اثني عشر مصحفا قديما أحدها كتب بخط الإمام علي وكذلك أربع آلاف مخطوطة عربية نادرة من صدر الإسلام ومراسلات من العهد الأموي وهذه النفائس محفوظة الآن بمكتبة الجامع . وهناك مايدل أن هذا الجامع بني على أنقاض قصر غمدان السبئي الشهير بصنعاء, وجدير بالذكر أن أبواب الجامع الفولاذية ترجع لقصر غمدان وعليها كتابة بخط المسند.
وصف الجامع الكبير بصنعاء
الجامع على شكل مستطيل أبعاده حوالي (68X65 مترا) جدرانه الخارجية مبنية بحجر الحبشي الأسود والشرفات العليا بالطابوق والجص ويحتوي الجامع على اثني عشر مدخلا ثلاثة منها في جدار القبلة ناحية الشمال وخمسة بالجدار الشرقي وثلاثة مداخل بالجدار الغربي ومدخل واحد في الجدار الجنوبي يعرف بالباب العدني تتقدمه قبة صغيرة ويتوسط الجامع فناء مكشوف مساحته (38.9 مترا تتوسطه كتلة معمارية تغطيها قبة أعاد تعميرها الوزير العثماني سنان باشا عندما رصف المسجد بالأحجار عام 1012هـ ويحيط بالصحن أروقة أربعة أكبرها رواق القبلة (الشمالي) الذي يتكون من خمسة بلاطات موازية لجدار القبلة فيما عدا النهاية الغربية والشرقية منها فهي متعامدة على الجدار ويتوسط جدار القبلة المحراب المجوف الذي تزينه زخارف نباتية وأشرطة كتابات يقرأ من على يسار القبلة المحراب:
(بسم الله الرحمن الرحيم أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا).
هذا ويقع على يسار المحراب منبر تم إصلاحه منذ سنة 948هـ في العصر العثماني معظم حشواته من الخشب الخرط . وأعمدة الرواق مستديرة غالبا وبعضها على شكل دعائم تحمل هذه الأعمدة والدعائم عقودا نصف دائرية وبعضها مدبب تدبيبا خفيفا هذا ويزين جدار القبلة أشرطة كتابية بالنسخ والثلث وبسقف الرواق مصندقات خشبية ذات زخارف عديدة وقد تم حجب هذه الرواق عن الصحن كما في الأروقة الأخرى بواسطة أبواب خشبية مكسوة بالزجاج ويحتمل أن عملية حجب الأروقة ترجع إلى طبيعة الجو الحار في اليمن.
الرواق الجنوبي
أما الرواق الجنوبي فيتكون من أربع بلاطات وهو يحتوي على المساحة الأصلية للمسجد عند إنشائه (12متر) وبسقفه مصندقات باستثناء البلاطة جهة الصحن التي أضيفت مؤخرا . أما الرواق الشرقي ونظيره الغربي فهما متشابهان حيث يتكون كلا منهما من ثلاث بلاطات كما ينقسما إلى قسمين شمالي وجنوبي عن طريق جدار مرتفع به محراب مجوف في القسم الجنوبي لكل منهما وفي القسم الجنوبي من الرواق الغربي يوجد ضريح يطلق عليه ضريح حنظلة بن صفوان .
وللجامع مئذنتان في الناحية الجنوبية واحدة في الشرق وأخرى في الغرب متشابهتان تقريبا أنشأهما الأمير علم الدين ورد سار الشاكاني في عام 602 : 603هـ / 1205 : 1206م وهما من أقدم المآذن الباقية باليمن تتكون كلا منهما من قاعدة مربعة يعلوها بدن أسطواني في أعلاه شرفة ثم بدن سداسي الأضلاع تتوجه قبة صغيرة أما منشآت الوضوء فهي موجودة بالجانب الجنوبي الغربي من الجامع.