
قلعة الدملؤة، ( بضم الدال المهملة وسكون الميم وضم اللام وفتح الواو) حصن قديم يقع في مديرية الصلو التابعة لمحافظة تعز اليمنية، ارتبط قديما بحكام اليمن من آل زريع في عدن القرن الخامس عشر للميلاد حيث اتخذوا منه سكنا بعد أن تغلبوا على النواحي وقد تواترت المعلومات والإشارات عن المؤرخين الإخباريين حول قلعة الدملؤه نظراً لموقعها الطبيعي الحصين وإضافة تحصينات دفاعية متينة حولها من قبل حكام الدول التي تعاقبت عليها مما زاد من شهرتها.
تاريخ قلعة الدملؤة
يشير”الهمداني” إلى أن الدملؤه من عجائب اليمن التي ليس في بلد مثلها، وكانت بيت ذخائر الملوك وأموالهم، وللدملوة تاريخ طويل مشهور، وقد لعبت أدواراً بطولية مجيدة ولها أخبار وحكايات تضمنتها كتب التاريخ، ويُذكر أنه كان لها كتاباً تاريخياً يسمى (ضوء الشمعة في تاريخ الجمنون والقلعة). وقد ارتبط اسم قلعة الدملؤه بأبن المغلس وهو أحد أهم الزعماء المحليين المواليين لدولة آل زريع في عدن القرن الخامس عشر للميلاد.
وذكر محمد الشعيبي أن تاريخ هذه القلعة ارتبط بالدول اليمنية القديمة كالدولة الحميرية التي لا تزال بعض الأسوار موجودة، وتشهد اليوم بفن ومهارة البناء المعماري اليمن القديم. ومن المؤكد أن بها الكثير من الكنوز والخبايا ما تزال مدفونة بداخلها، لم يستطع أحد أن يعثر عليها حتى الآن، فقد أصبحت المسالك المؤدية إليها منعدمة وصعبة المرور فيها، وذلك بسبب تهدم الطريق التي كانت تسلك منها وإليها، إضافةً إلى تهدم مدرجاتها التي كانت من الصخر الصلب، والتي كانت تمتد حتى باب القلعة الذي يقع في الجهة الشمالية للقلعة.
ويُذكر أنه في فترة حكم الدولة الصليحية (439-532هـ) تمكن الملك، أول موحد لليمن بعد الإسلام، “علي بن محمد الصليحي” من الاستيلاء على قلعة الدملؤه بعد صراع عنيف وحصار طويل لحامية “بني نجاح” التي كانت مسيطرة على القلعة عام (452هـ).
ويشير الأستاذ المرحوم “محمد يحيى الحداد” في كتابه “تاريخ اليمن السياسي” أن “منصور بن المفضل بن أبي البركات” سلم “محمد بن سبأ” ما كان ينظره من المعاقل والمدن التي انتقلت إليه بعد وفاة السيدة “أروى بنت أحمد الصليحي“، واتخذ “محمد بن سبأ” قلعة الدملؤه مقراً رئيسياً له وأقام فيها إلى أن توفي عام (548هـ) واستمر بعده سيطرة “بني زريع” على قلعة الدملؤه في عهد السلطان “عمر بن محمد بن سبأ” الملقب بالمكرم إلى عام (560هـ)
وخلال عهد الدولة الرسولية يشير “الخزرجي” في كتابه “العقود اللؤلؤية” إلى أن الملك المظفر “يوسف بن عمر” أستولى على قلعة الدملؤه عام (648هـ)، وظلت تحت سيطرة ملوك بني رسول حيث دلت على ذلك الشواهد الآثرية المتناثرة حول الحصن منها عتبة المدخل المؤرخ عام (778هـ)، وهي كتلة حجرية ضخمة طولها حوالي (1.8م)، وعرضها حوالي (60سم) مكسورة نصفين عليها كتابة بخط النسخ البارز تتألف من ثلاث أسطر تقرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم أنا فتحنا لك فتحاً مبيناً، أمر بعمارته مولانا ومالك عصرنا السلطان بن السلطان العالم العادل ضرغام الإسلام غياث الأنام سلطان الحرمين والهند واليمن مولانا السلطان الأفضل من الأنام والملك المجاهد أمير المؤمنين “العباس بن علي بن داود بن يوسف بن عمر بن علي رسول” خلد الله ملكه ونصره، رفعت العتبة المباركة بتاريخ الرابع والعشرين من رجب الأصم سنة (ثمان وستين وسبعمائة) مؤيداً بالنصر والتوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم).
وتوالى الاهتمام بالحصن في الفترات اللاحقة للدولة الرسولية حيث دعى الإمام “محمد بن أحمد بن الحسين أبي القاسم” المعروف “بصاحب المواهب” دعى لنفسه عام (1098هـ) من حصن المنصورة بالصلو وأعلن الإمامة خلفاً لأبيه.
بناء قعلة الدملؤة
والباحث المطلع على المواصفات الهندسية لبناء هذه القلعة أو الحصن يجد أن مواصفات هندسة بناء وطريق الحصن تكتسب خاصية معمارية مميزة، فهو من الخارج قد صمم أولاً بطريقة فريدة ومحكمة تتناسب مع موقع جبل قور الاستراتيجي المجاور لها وقد اختار له المصمم الموقع الطبوغرافي المناسب داخل ساحة قمة الجبل المخروطي الشكل ومتعدد الأضلاع بحيث لا توجد ثغرة ما قد تشكل منفذاً إلى الحصن بأي حال من الأحوال، وهو مالم يتوفر عمله في بعض القلاع والحصون الدفاعية اليمنية القديمة التي يلجأ أصحابها عادة إلى استحداث وسائل استحكام أمنية إضافة على هيئة أبراج حماية تقام على خصر الجبل، أو عند بعض تعرجات طرقه المتخفية. لذا يصعب من هذه الناحية التسلل إلى داخل الحصن فضلاً عن أن الطريق إليه صعبة، محكمة الصنع ومعقدة ومكشوفة في نفس الوقت أمام المدافعين عنها من داخل الحصن أو موقع الحراسة السفلي، حيث أن أي محاولة من هذا القبيل معرضة للفشل الذريع.
وصف قلعة الدملوة
وقد وصفت قلعة الدملوه في كتب التاريخ وصفاً مفصلاً فهي؛ قلعة ابن أبي المُغلس التي يتم الطلوع إليها بسُلمين في السلم الأسفل منهما أربع عشرة ضِلعاً والثاني فوق ذلك أربع عشرة ضِلعاً بينهما المُطبَق وبيت الحرس على المُطبَق بينهما، ورأس القلعة يكون اربعمائة ذراع في مثلها فيها المنازل والدور وفيها شجرة تدهى الكُلْهُمَه تُظِل مائة رجل وهي أشبه الشجر بالتُّمَار، وفيها مسجد جامع فيه منبر وهذه القلعة ثنية من جبل الصِّلو يكون سَمْكها وحدُّها من ناحية الجبل الذي هي منفردة منه مائة ذراع عن جنوبيها وهي عن شرقيها من خَدير إلى رأس القلعة مسيرة سدس يوم ساعتين.
وكذلك هي من شماليها مما يَصلى وادي الجنات وسوق الجُؤة ومن غربيها بالضعف مما هي من يمانيها في السمك وبها مرابط خيل صاحبها وحصنه في الجبل الذي هي منفردة منه أعني الصلو بينهما غَلَوة قوس ومنهلها الذي يشرب منه أهل القلعة مع السُّلّم الأسفل غيل بمأجل عَذى خفيف عذب لا بعده، وفيه كفايتهم، وباب القلعة في شمالي القلعة، وفي رأس القلعة بركة لطيفة ومياه هذه القلعة تهبط إلى وادي الجنات من شمالها ثم المآتي شمال سوق الجُؤة إلى خدير ووادي الجنات هذا يشبه في الصفة وادي ضهر وهو كثير الغيول والمآجل والمسايل فيه الأعناب والورس مختلطة في أعاليه مع جميع الفواكه وأسفله جامع للمَوز وقصب السكر والأترج والخيار والذُّرة والقِثاء والكزبرة وغير ذلك.
المراجع:
1- مديرية الصلو-مركز معلومات محافظة تعز الوطني.