
الدودحية ، هي حكاية من التراث الشعبي في اليمن، تحولت إلى أغنية شهيرة، يعود تاريخها إلى بدايات القرن التاسع عشر ومصادر أخرى تشير إلى ثلاثينيات القرن العشرين. حدثت القصة في مدينة إب منطقة خبان بين شاب وفتاة نشأت بينهما علاقة حميمية مرفوضة في المجتمع اليمني. وقد ألفت الكثير من الأغاني بشأن القصة وكلها تبدأ بعبارة :” يابنت الدودحي” أو ” يالدودحية”. غنى الأغنية عدد من المغنيين داخل اليمن وخارجها.
قصة الأغنية
كانت الدودحية ابنة عائلة رفيعة المقام تقطن منطقة وادي بنا بمحافظة إب وقد جمعتها علاقة حب في السر مع ابن عمها ولكن قصة الحب المكسورة على صخرة العادات والتقاليد لم يكتب لها النجاح وحالت الظروف دون تحقيق حلم الاثنين بالزواج ليقعها بفعل لوعة الغرام بعدها في وزر علاقة غير مشروعة سرعان ما انكشف سرها الخفي ووصل خبرهما إلى الحاكم في الناحية وقد وقع بين خيارين إما أن يتجاهل القضية ويصرف النظر عن الدودحية وابن عمها المنتميين لطبقة اجتماعية رفيعة المستوى أو يطبق حكم الشرع فيهما بالجلد والتعزير ويساوي في تطبيق الحدود بين الضعفاء والأغنياء وهو ما اختاره قراره الراجح في آخر الأمر فأمر رجاله أن يأتوا بالشاب والفتاة ويربطوا طبلاً على ظهر كل منهما ويطوفوا بهما القرى والوديان وسط ضرب الطبول وهو ما أدى إلى تفشي خبر الفضيحة في كل أرجاء اليمن بعد أن كان الحديث حولها محصوراً في بضعة قرى من نواحي وادي بنا الخصيب.
وبرغم الاشتراك في الخطأ والتساوي في تطبيق العقوبة تحملت الدودحية “الرمز المؤنث” وحدها وزر الفضيحة وعقوبة الجاني المتسبب وأضحت وصمة عار في ناموس القبيلة.. عار لا يغسله إلا الدم وبالفعل ذلك ما حدث حين سارع أهلها إلى قتلها وإهدار دمها في الحال دون اكتراث..
وفي سياق الحديث عن الحكاية يشير عبد الله البردوني في كتابه “قضايا يمنية” يرى “الدودحية” كانت ضحية عشق جسدته التقاليد فمنعت زواج العشيقين فأدى هذا إلى مايؤدي العشق المحروم فلاقت العشيقة مقتلها فشاعت عشرات الحكايات والاغنيات، فغناها كل اليمنيين من عام «41ـ 48». أيضاً يشير البردوني. إلى أن قصة الدودحية في اليمن تكاد تماثل العديد من القصص والحكايات العربية مثل (الميجنة) في بلاد الشام والتي أصبحت رمزاً لفن الغرام في الغناء كما هو حال الدودحية في الأغاني الشعبية اليمنية.
دودحية الإرياني
بعد أن ترددت الأغنية مائتي عام جاء شاعر اليمن الكبير مطهر الإرياني في الثلث الثاني من القرن الماضي ليكتب ذلك النص الشهير والوجداني على نفس اللحن، وهو النص الذي ردده كثير من مطربي اليمن والمملكة ودول الخليج (خطر غصن القنا/ وارد على الما/ نزل وادي بنا/ ومر جنبي/ وبأعيانه رنا نحوي/ وصوب سهامه واعتنى). ومنهم فناننا الكبير الراحل عبدالله محمد الذي عرف في شبابه باسم الدودحية لترديده ونشره الأغنية في الطائف، وقبله وبعده كان كثيرون رددوا الأغنية بدءا من علي الآنسي ثم عبد الرحمن باجنيد، وفايزة عبد الله ومحمد عبده، ومحمد عمر وطاهر حسين وصالح خيري وغيرهم.
تجدد لمعان هذه الأغنية في العام 1997 عندما جددتها المطربة اليهودية اليمنية التي تحمل الجنسية الإسرائيلية عفراء هزاع في ألبومها “كيريا” وحصلت بهذه الأغنية على جائزة الغناء العالمية “غرامي”.
نص أغنية الدودحية الأصلي
يا دودحية ويا غصن القنا
قد دردحوا بش على وادي بنا
يا دودحية جبالش خزِّني
القات معلي ومحبوبش غني
دُنِّي من الكوز سُكَّر واركني
أمان يا نازل الوادي أمان
بالله اشهدوا لي على ابن الدودحي
لا زوَّج اخته ولا هي تستحي
يا دودحية توصِّي لا عدن
يدَّوا لبوش عطر ويدَّوا لش كفن
يا دودحية ويا قمري خُبَان
خبيرتش بنت عامل كوكبان
يا دودحية لقينا لش خبير
هي بنت غمضان من البز الكبير
وبنت ابو نيب في دمنة خدير
أمان وا نازل الوادي أمان
بنت الصباري وبنت الدودحي
قد زوَّجين العزب والملتحي
أمان يا نازل الوادي أمان.
المراجع:
1- الدودحية تظهر في إسرائيل. إب برس. اطلع عليه بتاريخ 2018/4/9م 2- دودحية اليمن اليهودية. صحيفة عكاظ. اطلع عليه بتاريخ 2018/4/8م. 3- حكاية الدودحية. وكالة الشعر. اطلع عليه بتاريخ 2018/4/9م.