نوفمبر 26, 2017
اخر تعديل : نوفمبر 26, 2017

الدوشان .. لسان القبيلة

الدوشان .. لسان القبيلة
بواسطة : Editors of Al Moheet
Share

الدوشان، هو شخص كانت تختاره القبيلة في اليمن ، ليقوم بوظيفة إبراز أمجاد القبيلة وأخبارها وحفظ انسابها، وأيضا رواية ملاحمها وقصصها في المناسبات، ونقل رسائلها.

كان للدوشان أهميته الوظيفية في القبـيلة اليمنية بالأمس البـعيد، والتي كانت لا تـقل عن أهمية التواصل الإعلامي الدبلوماسي للدولة الحديثـة اليوم، ولهذا أطلق عليه سابقاً بأنه ” ذو شأن ” أي انه الشخص الذي يـحمل في جعبته أخبار وأعلام وأنساب القبيلة التي ينتمـي إليها .. كما أنه يـقوم بنـقل الرسائل بين قـبيلـتين حينما يكـون بينهـما نزاع أو حـرب، دون أن يتعرض لأي أذى (1) .. ذلك لأنـه يـعتبر من أتباع القبيلة وليس من صلبها، يعيش على هامش الحياة الإجتماعية والسياسية للـقبيلة التي تـعتبر الضامـنة والحامية لـه، وبالتـالي فإنه لا يتحمل المسؤولية عما يقوله أو ينقله من رسائل المتحاربين من القبائل.

اما إذا كانت الحرب مع طرف خارجي أي من خارج المجتمع القـبلي، فإن الدوشان يتخـلى عن صفة الحياد ويـقوم بدور المهـيج والمحـرض للـقوم للقـيام بالقـتال والحـرب؛ يثـير مشاعر المترددين والمتخوفين من أبناء القبـيلة أثناء القـتال، ويقـف إلى جانب أفراد القـبيلة.

ولـقد كان الدواشين أثناء الحرب بين اليمينين والأتراك يتقدمون الصـفوف حاملين الأعـلام و الرايـات(2)، وفي حـصار صنعاء أثناء ثورة 1948م من قبل القبائل المناصرين للإمام أحمد حميد الدين ضد الثـورة التي يتزعـمها الإمام عبدالله الوزير كان دوشان ” أرحـب ” أول من تسـلق سـور باب شـعوب في مدينة صنعاء رافعاً عليه العـلم الإمامي الأحمدي، معلناً انتصار وسيطرة المناوئين للثورة من رجال القبائل الموالين للإمام احمد على العاصمة.

وظائف أخرى

وللدوشان وظيفة أخرى فهو يقوم بدور شاعر القبيلة المتخصص في نـشر أمجادها ومآثـرها عن طريق التـغني بها في المناسبات المتـعددة والمتـنوعة ” زواج ، خـتان ، أعياد .. إلخ ” وفي مثـل هذه الحالة يرفـع صوته عالياً بادئاً كلامه بكـلمات معـهودة هي : ” حيـك ، وحيا أبـوك وجدك يامكرم الضيفان .. ويا ، ويا  ” ثم يسترسل بذكر محامد ومكارم الشخص الممدوح ومكارم والده وجده بل وفخذه العائلي … إلخ ، ثم ينتـقل إلى مدح شخص آخر وهكذا حتى يكمل مديحه لكل من حضـر تلك المناسبـة.

ومن وظائف الدوشان إعـلان مايـسمى ” بالظاهرة ” في الأسواق الشـعبية الأسـبوعية، والمقصود بالظاهـرة { الإعـلانات الرسمية التي يصدرها ممثـلو سلطة الدولة أو حاكم السوق} ، فقد كان دوشان موسـطة بني قشيب في ناحية جبل الشـرق آنس قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م يـعلن الظاهرة في سـوق جمعة آنـس بادئاً بـقوله ” يا من سـمع الظاهـرة عليكم بالحـضور لساحة السوق ” ثم يكرر النداء ويسـترسل ” إنه يـقول لكم عامل جبل الشرق بأنه قد صدرت الأوامر بأن على جميع من عـليهم زكاة الحـبوب لـهذا العام أن يوردوها إلى مدافن الحكومة في محل كذا أو كذا ” ، ويختتم الظاهـرة بـقوله ” الحـاضر يـعلم الغائب “.

وأهم ما يتميز به الدوشان هو طلاقة اللسـان وسلاطته في نفـس الوقت (3)، ولهذا فإن الكثير من الناس يتحاشون سلاطة لسـانه ويراضـونه بشكل أو بآخر ليأمنوا شره.

ملابس الدواشين

كان الدواشين قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م، يتـزينون بأجمل الملابس الشـعبية ، فـهو يـلبس قميصاً أسود وأبيـض بما يتناسـب ومناخ قبـيلته) له كُمَّان طويلان مفتوحان يربطهما إلى خـلف الظهر تاركا ذراعيه عاريتـين، يـلف نصـف جسـمه الأسـفل بثوب أبيض يـسمى مـقطب ، يحتزم عليه بحزام العسيب المستيقيم في وسـط البطن ” والمصنوع من الفضة ، تـعلو العسيب جنبيهة  خنجر)، يحـمل الدوشان دائماً عصا طويلة شـبيهة بالريـح على رأسها حـربة يـقاوم بها الكلاب والضواري في الطرق، لأنـه يعيش حياة متنقلة ما بـين أفخاذ القـبيلة وبـطونها، كما أن العـصا تعـطيه مهابة وهو يـتكئ عليها عند صراخه بالمـدح والثناء يضع على رأسه قـبع أسـود مصبوغ بالنـيلة المخلوطة مع الصـمغ، فـهو بهذا الملبـس مهاب في القبيلة ومميز عن غيره.

 

المراجع:

1- أ/ مطـهر علي الأرياني،المـعجم اليمني في الـلغـة والتراث.

2- د/ فضل أبو غانم،البنية القبلية اليمـنية بين الأسـتمرار والتـغير.

3- قائد نعمان الشـرجبي ، الشرائح الإجتماعية التقـليدية في المجتمع اليمـني.