
قدس اليمنيون عثتر والمقه وسين وود وعم. وكانت العقائد تتمحور حول ثالوث الشمس والقمر وابنتهما كوكب الزهرة، وهو افتراض مشكوك فيه من قبل بعض الباحثين. الآلهة الرئيسية كانت عثتر ومن ثم المقه وعم وود وسين تليها آلهة القبائل الخاصة كتألب ريام وكاهل.
عثتر هو النسخة الذكرية من عشتار كما يعتقد البعض ولكن أبحاث جديدة تظهر ميثولوجيا مختلفة قليلا، ترجح أن عثتر كان أنثى كما تشير إليه النصوص اليمنية “أم عثتر” وانقسم إلى قسمين، إله ذكر وإلهة أنثى كانوا أب وأم البشرية جمعاء. عثتر هو أكبر آلهة اليمن ووالد الآلهة كلها. ورغم اختلاف الباحثين في تحديد فترة نشوء سبأ هناك دلائل على قيام المملكة قبل القرن التاسع سماها بعض الباحثين بالفترة “المهجورة” وهي الفترة في القرن الثاني عشر والثالث عشر ق.م.
فقد وجدت كتابات تشير إلى عثتر كالإله الرئيسي لقبيلة سبأ ويعتقد أن دخول المقه في المعتقدات السبئية هو نتيجة لدخول قبيلة “فيشان” في سبأ فأصبحت سبأ تجمعا عشائريا كبيرا يضم عددا كبيرا من القبائل وأنعكس هذا على ديانتهم فكثرت آلهة سبأ كنتيجة لهذا التحالف.
وكان للثور أوالعجل قدسية خاصة في اليمن القديم وغيره من حضارات الشرق الأدنى لتشابه قرونه مع القمر. المعينيون كانوا يصفون إلههم الأكبر ووالدهم ود وقدس المعينيين الآلة منضح وهو مسؤول عن السقيا والماء والإله بلو وهو إله المصائب والبلاوي والإله رفوا وهو إله حماية الحدود والإله حلفن وهو إله القسم والتعهدات فيقسم به عند عقد الاتفاقيات والمعاهدات والعقود التجارية.
إله سبأ
أما سبأ فإلهها الأكبر المقه واختلف الباحثون حول معنى اسمه فالألف واللام أول اسمه ليست أداة للتعريف فأداة التعريف عن العرب الجنوبيين كانت الحرف نون في آخر الكلمة. وأغلب الظن أنها “إيل مقه”، وكلمة مقه تعني “قوي” فيكون معنى الاسم هو إيل القوي. “إيل الحافظ” وربط بعض الباحثين بين اسمه ومدينة مكة مفسرين كلمة “مقه” السبئية بمعنى معبد فيكون معنى اسمه رب أو إله المعبد. وقد كان السبئيون واليمنيون بشكل عام يقلبون القاف كافا كما في كلمة مكرب السبئية والتي تعني “مقرب”. تزداد عدد الآلهة بازدياد عدد القبائل. انضمت الإلهة “هبس” وهي زوجة عثتر إلى مجمع الآلهة السبئي مبكرا في القرن السابع ق.م وكانت مسؤولة عن الأرض اليابسة والجافة أما المقه فهو إله الدولة ورمزها وبني له أربعة وثلاثين معبد أشهرهم معبد أوام وبرأن. وسين هو إله القمر عند الحضارم وتشير الرموز إليه بهلال ونقطة فوقه.
توحيد الحميريين
تراجعت أهمية الآلهة تدريجيا حتى وحد الحميريين الآلهة واعتبروا رحمن إلها أوحد إلى أن دخلت اليهودية والمسيحية إلى اليمن. مرت هذه الاعتقادات التوحيدية بعدة أطوار فقد كان ذو سماوي أو “ذو سماوى” بلغة المسند يذكر مقرونا بعدد من الأصنام بداية حتى أصبح إله الأرض والسماء الأوحد ثم ترسخ التوحيد وأهملت الآلهة الأخرى. تم تقديم الإله رحمن وحده في صيغ التعبد غير مقرون بآلهة أخرى وهو ما يقلل من فرضية أن التوحيد دخل اليمن بتأثير من اليهود والمسيحيين إذ عرف الباحثون ديانة الرحمن هذا باسم “التوحيد الحميري” لخصائص لم توجد في أديان أخرى.
استطاع الأركيولوجيين معرفة لمحة بسيطة عن معتقدات اليمنيين عن حياة بعد الموت، فقد وجدت عدة مقابر لجثث محنطة موضوعة داخل أكياس من الجلد مع ترك الرأس خارجا دون تغطيته في مشهد يشبه الولادة، فاعتبر اليمنيون الموت مرحلة لحياة أو ولادة من جديد. يطلق على المعابد في اليمن لفظة “حرم” و”محرم” وكان يحرم دخولها بملابس متسخة وتمنع النساء من دخولها خلال فترة الحيض.
ويظهر أنه كان لليمنيين طقوس تعبدية تدعى “طوف” (طواف) حول الحرم لها علاقة بالطهارة الروحية يعقبه اعتراف بالذنوب للكهنة وتقديم القرابين التي غالبا ما تكون من حيوانات مفضلة للآلهة وهي الوعلان والغنم والخراف والثيران. عادة ما يكون تقديم القرابين لغفران الذنوب أو لشكر الآلهة أملا في زيادة عطاياها. واكتشفت عدة حالات تضحية بالبشر وعادة ما يكونون من الغرباء عن المملكة الذين يقعون في الأسر.