
القفل الغثيمي، هو قفل يمني محكم الصنع دقيق العمل اشتهرت بانتاجه ثلاث اسر تنتمي إلى مدينة صنعاء، وقد دخل القفل الغثيمي في الأمثال الشعبية لشدة احكامه وصعوبة فتحه لأنه لا يمكن أن يفتح إلا بمفتاحه فيقال فلان عقله غثيمي أي أنه شديد الغباء
تاريخ القفل الغثيمي
تعود صناعة الأقفال في اليمن وبالذات الأقفال التي صُنعت بمدينة صنعاء إلى أيام الملك المظفر الرسولي المتوفى سنة 695 ه الموافق 1295م، فقد وثقوا صناعة الأقفال في سوق صنعاء القديمة وأشهر صناعها ومقاساتها وأوزانها وأسعارها.
أما بالنسبة للقفل الموجودة حالياً، والمعروف باسم القفل الغثيمي فيعود لاسم حرفي يدعى (غُثيم) شاهدنا توقيعه على بعض الأقفال، والذي ربما عُرف في بداية القرن العشرين. وربما يعود الفضل ل(غُثيم) أنه أول من صنع هذه الاقفال بهذه الأشكال وبهذه التقنية من الحديد المطاوع وبأحجام كبيرة بينما كانت ربما تصنع من النحاس وبأحجام صغيرة في الصين.
بعد أول صانعيه (غُثيم) أو عائلة (بيت الغُثيمي) في مفتتح القرن العشرين توارثت صناعة القفل الغُثيمي عديد عائلات في صنعاء، صعدة، ذمار، ريدة.. إلخ، ولعل عائلة (بيت محبوب) العروسي، التي انتقلت من منطقة الأعروس في بني مطر/غرب العاصمة لتستقر في صنعاء القديمة في السبعينيات، وهي الفترة التي بدأت فيها الكثير من الحرف التقليدية تتراجع عن مواقع الصدارة في سوق صنعاء، هي آخر العائلات التي مارست هذه الحرفة في السنوات الأخيرة، وربما يعود لها الفضل في المحافظة على هذه الصنعة وإبقائها حاضرة في سوق المحدادة، منذ منتصف عقد السبعينيات وحتى نهاية عقد التسعينيات.
تكوين القفل الغثمي
ويتكون القُفل الغثيمي من 24 قطعة تسمى الجفرة أو الجسم الأساسي له، وبعد ذلك يأتي السيف أو صرمة الجفرة، الجملول، قاطع الجملول، منفذ الدائر، ساعد القفل، فوة الشوكة، والسارقة الكبرى أو سلم السوارق، السارقة الصغرى، شباك القفل، قاعدة الريشة، شوكة الريشة، ساعد الريشة، أم الريشة والريشة نفسها، وبعد ذلك تأتي مسامير تثبيت هذه الريش.. أما أجزاء المفتاح أو الدائر فمن مسمياته طفحة الدائر، ثقب الدائر، ساعد الدائر، رأس الدائر، ورأس الدائر يتكون من فتحة الجملول، السارقة، الفرض الأيمن، الفرض الأيسر، السهم الأيمن، السهم الأيسر.
صناعة القفل الغثيمي
يتم أولاً تجهيز تلك الأجزاء أو القطع وتسويتها، وعندما تكون هذه القطع جاهزة تبدأ المرحلة الثانية وهي تجميع تلك القطع أو الأجزاء بحيث يتشكل منها في الأخير القفل بما في ذلك الدائر (المفتاح).
لكن تجميع تلك الأجزاء لابد أن يتم وفق ترتيب متسلسل، ففي البداية يتم إنجاز القطع الخاصة بجسم القفل وهي: الجُفرة، الجَمَلوُن، قاطع الجَمَلوُن، السيف، الركبتان، السوارق، سلم السوارق، الساعد الخلفي، والشباك.. هذه الأجزاء يتم تجميعها بعد إنجازها في خطوتين.
1- يجمع الحرفي الجَمَلوُن، السيفين، صرمتي الجُفرة، الركبتين وقاطع الجَمَلوُن، ويرتبها كلاً في موضعه المحدد، ويُشدَّ جميع الأجزاء إلى بعضها بدقة بواسطة سلك معدني رفيع يسمى (جار) ويمسك الحرفي هذه الأجزاء بعد ضمها إلى بعض بواسطة الكلبتين، ويقلبها بمهارة وحرفية على الأوجه المراد لحمها بالنحاس الذي يذاب بنار قوية ويذر على الموضع المراد لحمه مسحوق أبيض يطلق عليه (تنكار)، وبعد إنجاز عملية لحم هذه الأجزاء ببعض تصبح قطعة واحدة وينتج عن عملية اللحم أو التلحيم هذه إيجاد منفذ الدائر( المفتاح) وفتحتي الجانب التي يتحرك عبرهما المفتاح، في الفراغ الواقع في الركبتين، وبذلك يكون جسم القفل الأعلى قد تشكل.
2- يُركِّب الحرفي على سلم السوارق ما تُعرف بالسوارق الصغيرة، ويلحِّم السوارق على سلم السوارق بالنحاس ثم يُركِزها بتوازن في الثقب الذي أعده في منتصف الجملون، ويرتكز السلم على قاطع الجملون المثبت من أسفل، ويوصل ساعد القفل أو الساعد الخلفي في فتحة الجُفرة الخلفية بحيث يمر عمود الساعد من تحت بطن الجفرة إلى مقابل فتحة الشباك. في الوقت نفسه يربط الجفرة بالسيفين من الجانبين فيتصل طرفيهما بطرفي الركبة وبعد تثبيت هذه الأجزاء في مواقعها المحددة يضمها جميعاً بسلك معدني ويلحمها بالنحاس لحماً دقيقاً، ثم يتركها بعد ذلك تبرد من حرارة النار المستخدمة في عملية اللحام.
3- بعد هاتين الخطوتين يتم تركيب الشباك النحاس في داخل فم الفتحة الأمامية للجفرة ببضع مليمترات ثم يلحم الشباك في المكان المحدد له بمادة النحاس المذابة في النار بمساعدة مادة (تنكار)، وعند إكمال تلحيم الأجزاء بالنحاس يكون الجسم الرئيس للقفل قد تكون وتمت صناعته.
مفتاح القفل الغثيمي
مفتاح القفل الذي يكون مفتاحاً واحداً فقط يتكون من طفحة الدائر ومقبض المفتاح والثقب ومساعد المفتاح الذي يلعب دوراً هاماً في عملية فتح القفل لأن ضغط اليد يقع عليه فيؤدي إلى فتح القفل.
ويتكون المفتاح من: رأس المفتاح، فتحة الجملون، السارقة ومهمتهما تخلل الجملون عند عملية فتح القفل، كما أن فتحتيهما لا تسمحان باستخدام مفتاح آخر، أما الفرض الأيمن والفرض الأيسر فيسهلان عملية إدراج المفتاح داخل القفل، والسهم الأيمن والسهم الأيسر مهمتهما فتح القفل.. فما أن يعبران منفذ الدائر وينزلان على جانب قاطع الجملون حتى يستقر طرفيهما عند رأس الريشة ويتوسط الريشتين الجانبيتين ، وعند الضغط عليهما بقوة اليد يضم أطراف الريشة بمفاتيح من الداخل جوار فتحات الشباك إلى ضغط يدفع مفتاح الأمام ويخرج السهمين الريش من فتحات الشباك فينفتح القفل.
أما إغلاق القفل فيتم بواسطة الضغط باليد على القطعتين دون استخدام المفتاح إذ تدرج الريش في فتحات الشباك، وتدرج الشوكة في فوهة ساعد القفل، ويضغط ساعد الريشة باليد لينغلق القفل.
المراجع:
1-القفل الغثيمي رمز للذكاء والمهارة