
يونس عليه السلام (ذا النون) هو يونس بن متَّى نسب إلى أمه ولم ينسب إلى أمه من الرسل إلا هو وعيسى بن مريم عليهما السلام، يسمى عند أهل الكتاب يونان بن أمتاي، يتصل نسبه إلى بنيامين أحد أبناء يعقوب عليه السلام، يلقَّب بصاحب الحوت للحادثة المشهورة، أرسله الله إلى أهل نينوى من أرض الموصل بالعراق.
بعثة يونس عليه السلام
بعث الله يونس عليه السلام إلى أهل نينوى في أرض الموصل بالعراق، وكانت عاصمة الآشوريين، دعاهم إلى دين الإسلام وعبادة الله وحده، وكان أهل نينوى عددهم أكثر من مائة ألف قال تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ [سورة الصافات]. وكانت قد دخلت فيهم الوثنية وانتشرت فيهم عبادةُ الأصنام وكان لهم صَنمٌ يعبدونه يسمى “عشتار”، فكذبوه وتمردوا وأصروا على كفرهم ولم يستجيبوا لدعوته، وقيل: أقام فيهم ثلاثًا وثلاثين سنة يدعوهم إلى الإسلام ولم يؤمن به خلال هذه المدة غير رجلين، وبسبب عنادهم يئس منهم يونس عليه الصلاة والسلام فخرج من بين أظهرهم مغاضبا يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [سورة الأنبياء/87]، و”النون” أي الحوت وأضيف عليه السلام إليه لابتلاعه إياه.
قصة الحوت
لما وَعَدَ يونس بن متى قومَه بالعذاب بعد ثلاثة أيام إن لم يؤمنوا وخرج من بينهم مغاضبًا لهم بسبب كفرهم وإصرارهم وتماديهم في غَيهم وضلالهم سار حتى وصل إلى شاطىء البحر فوجد قومًا في سفينة في البحر، فطلب من أهلها أن يركبوه معهم فأركبوه معهم في السفينة، فلمّا توسطوا البحر جاءت الرياح الشديدة وهاج البحر فقال من في السفينة: إنّ فينا صاحب ذنب فأسهموا واقترعوا فيما بينهم على أنّ من يقع عليه السهم يلقونه في البحر، فلمَّا اقترعوا وقع السهم على نبيِّ الله يونس عليه الصلاة والسلام، وأعادوا القرعة ثلاث مرات وفي كل مرة تقع عليه، فما كان من يونس عليه السلام إلا أن ألقى بنفسه في البحر المظلم، فالتقمه حوت وابتلعه ابتلاء له على تركه قومه الذين أغضبوه دون إذن.
ومكث يونس عليه السلام نحو ثلاثة أيام وقيل سبعة أيام. قال الله تَبَارَك وتعالى: ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [سورة الصافات 139-148].
عودة يونس غلى قومه
علم يونس عليه السلام، أن ما حدث له من ابتلاع الحوت له بسبب استعجاله، فعاد عليه الصلاة والسلام إلى قومه أهل نينوى في العراق فوجدهم مؤمنين بالله تائبين إليه منتظرين عودة رسولهم يونس عليه السلام ليأتمروا بأمره ويتبعوه، فَمَكَث عليه الصلاة والسلام مَعَهم يعلمهم ويرشدهم، ومتّعَ الله تعالى أهلَ نينوى في مدينتهم مدة إقامة يونس فيهم وبعده ءامنين مُطمئنين إلى حين، ثم لَمّا ضلوا بعد ذلك عن الصراطِ المستقيم الذي جاءهم به نبيُّهم وتولوا عن الإيمان دَمّرَ الله تعالى لهم مدينتهم وأنزل عليهم العذابَ وَصَارت مدينتهُم عِبرةً للمعتبرين، يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [سورة الصافات 147-148].
العبرة من قصة يونس
- إن الله يقبل التوبة النّصوح من عبده، وقد قبل توبة يونس وأخرجه من بطن الحوت وظلمة البحر.
- كما تبين فضل التسبيح والدعاء في تفريج الكربات، إذ إنّ يونس -عليه السلام- اجتهد في التسبيح والابتهال والدعاء حتى فرج الله كربه، وكان تسبيحه سببًا لنجاته.
- ينبغي للعبد أن ينظر إلى عقوبة الله على أنّها خير له، لأنّها من الرؤوف الرّحيم سبحانه.
- لا يأس في طريق الدعوة.
وفاته
قيل أن توفي في القرن ال7 ق.م، دفن على ساحل البحر قبل مدينة صيدا، وقيل: هذا الموضع الذي ألقاه فيه الحوت.
المراجع:
1- قصة يونس عليه السلام. الألوكة.روجع بتاريخ 9 مايو 2020م. 2- المستدرك علي الصحيحين.أبي عبد الله محمدين بن عبد السلام الحاكم النيسابوري. روجع بتاريخ 9 مايو 2020م. 3- نبي الله يونس.الخطباء. روجع بتاريخ 9 مايو 2020م. 4- دعوة يونس عليه السلام. روجع بتاريخ 17 مايو 2020. 5- الأنبياء. الموسوعة العربية. روجع بتاريخ 17 مايو 2020.