
جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، هي دولة تم إعلانها في جنوب اليمن، صبيحة 30 نوفمبر من العام 1967م، في نفس اليوم التي تم فيه إعلان جنوب اليمن استقلاله بعد أعوام طويلة من النضال الوطني الشاق ضد الإستعمار البريطاني، وكان قحطان الشعبي أول رئيس لها. تغير اسمها فيما بعد إلى جمهورية اليمن الديمقراطية، واعقاب ثورة 14 أكتوبر عام 1963م، التي انطلقت من جبال ردفان بقيادة راجح بن غالب راجح لبوزة.. مفجر ثورة أكتوبرلبوزة، ممثلة منعطفا هاما في مسيرة حرب التحرير والكفاح المسلح وامتداد للانتفاضات الشعبية في المدن والارياف ضد الاستعمار.
بعد شهر تقريبا من الاستقلال صدر مرسوما يلغي الكيانات التي كونتها السلطات البريطانية وعملاؤها، والتي بلغت 24 كيانا ، وألغيت سلطة السلاطين والأمراء والمشائخ، وفي الشهر ذاته تم تقسيم المنطقة إلى ست محافظات: هي عدن ، ولحج ، وأبين، وشبوة ،وحضرموت ، والمهرة.
اتحدت مع الجمهورية العربية اليمنية التي تعرف أيضًا باسم (اليمن الشمالي) لتكوين الجمهورية اليمنية في 22 مايو، 1990م.
خلفية تاريخية
أحدثت ثورة 26 من سبتمبر 1962 التي أطاحت بالنظام الإمامي المتمثل في البدر تحولات جذرية في مسار النضال الوطني، حينما اصبح الشمال قاعدة للقوى الوطنية في الجنوب وداعما لحركة النضال ضد الاستعمار. وبعد ان انتهجت الجبهة القومية خيار الكفاح المسلح في 1963م،اتخذت مطلع العام 64 قرارا بنقل المعركة والثورة من جبال ردفان الى عدن وبقية المحميات لتخفيف الضغط عن جبهة ردفان والذئاب الحمر كما كان يطلق عليها انذاك.
وخلال العام ذاته أعلن فتح جبهات الضالع والشعيب ولحج ودثينة أبين بعد أن جرى تدريب الثوار في تعز ونقل السلاح إلى تلك الجبهة وبعدها أعلن عن قيام الجبهات في المحميات، وفي المقدمة جبهة عدن والمنطقة الوسطى والصبيحة والحواشب ويافع وحالمين وبيحان والعوالق وحضرموت والمهرة.
وشهد مطلع العام 1967م توتر شديد بين القوى الوطنية عقب قيام الأجهزة المصرية المشرفة على عمليات المساعدات التي تخص قضية الثورة في دنوب اليمن على تحجيم ” الجبهة القومية”.
وكان الطور الاول للخلاف بين فصائل الحركة الوطنية في الجنوب قد بدأ حول شكل النضال، أن يكون كفاح مسلح أو النضال السياسي هو الشكل الرئيسي، واستمر هذا الصدع والخلاف حتى موافقه بريطانيا بالتفاوض واعترافها ” بالجبهة القومية” والتفاوض مع الوفد المفاوض من أجل الاستقلال برئاسة قحطان الشعبي وعضوية عبدالفتاح اسماعيل وعبداللطيف الشعبي وسيف الضالعي ومحمد البيشي وخالد محمد عبدالعزيز والعقيد عبدالله صالح العولقي.
تجدد الخلاف
كانت هنالك الكثير من المعضلات التي تواجه الحكومة الوليدة في جنوب اليمن، وما أن تحقق الاستقلال عاد التصادم في ” الجبهة القومية” والذي بدأ في الماضي بتقييم المواقف، لكن الاستقلال أضاف إلى ذلك التصادم تصادما آخر، متمثلا بالخلاف حول الرؤية أو التصور الذي يمكن أن تسير السلطات على ضوئه. وتمثل ذلك التصادم على شكل تيارين الأول : يرى تقييم نظام الحكم الرأسي لسلطة واسعة الصلاحيات لرئيس الدولة، والتمهل في الإجراءات ومرعاة أوضاع التخلف وفقر موارد البلاد.
فيما كان يرى التيار الآخر والذي سمي حينها (الثوري الديموقراطي)، يتعميق فكرة واستراتيجية الطبقة العاملة والفلاحين والفقراء، والبدء بإجراءات الإصلاح الزراعي، وتحويل الإقتصاد من اقتصاد خدمات إلى إنتاجي.
الانقلابات
في يونيو/ حزيران عام 69 نفذ الجناح العسكري الأكثر راديكالية في الجبهة القومية انقلابا ضد التيار اليساري وزج بغالبية قادته في السجن، حينها ترأس سالم ربيع علي هيئة رئاسة مجلس الشعب ،بعد استقالة قحطان الشعبي إثر تطور تلك التصادمات والخلافات.
وجرى مطلع فترة ترأس سالم ربيع علي (سالمين)التي استمرت منذ 22 يونيو، 1969 وحتى تم الانقلاب عليه في 22 يونيو، 1978م وإعدامه في 26 من الشهر نفسه، بلورة العديد من الأفكار التي تفضي إلى إن البلاد البلاد اجتازت مرحلة جديدة وأن جميع التحولات الاجتماعية والاقتصادية لا بد أن تتجاوب مع مهام المرحلة الجديدة مع التأكد على أن يتم ذلك وفق الطابع التدريجي للتحول، وتقرر العمل على توحيد جميع القوى الوطنية في إطار تنظيم سياسي واحد قائم على مبادئ الإشتراكية العلمية وعلى أساس بناء حزب طليعي في المستقبل.
عقب مقتل سالم ربيع علي” سالمين” في حزيران 1978 انتخب عبد الفتاح اسماعيل رئيساً لهيئة رئاسة مجلس الشعب، ليقوم بعدها بقرابة عام بتوحيد كل الفصائل السياسي (بالحزب الاشتراكي اليمني) ويستقيل بعد فترة قصيرة من الزمن من منصبة كرئيس للجمهورية في أبريل من 1980، ليخلفه علي ناصر محمد وصولا إلى الأحداث الدامية في يناير 1986 بين رفاق الدرب الواحد والتي أودت بحياة ثلة من قيادات وكوادر الحزب الاشتراكي اليمني بينهم الرئيس الأسبق عبدالفتاح إسماعيل.
وبعد أحداث 13 يناير الدامية ترأس جمهورية اليمن الديمقراطية على سالم البيض حتى توقيع اتفاقية الوحدة بين جمهورية اليمن الديمقراطية والجمهورية العربية اليمنية، لتصبح الجمهورية اليمنية.
إمكانات عسكرية
في سبتمبر من العام 1971م وضعت قيادة جمهورية اليمن الديمقراطيه الشعبية أول اللبنات الأساسية لتاسيس الجيش وسمي بجيش جمهورية اليمن الديمقراطية ، حيث تكون الجيش من وحدات برية وبحرية وقوات جوية على أعلى المستويات.
وامتلك الجيش انذاك أسلحة حديثة متطورة ، فتكونت وزارة الدفاع من 800000 ضابط وجندي و40 لواء مشاة قسمت إلى (ميكانيك وألوية دبابات – وألوية مدفعية – وألوية صواريخ – وألوية قوى جوية ودفاع جوي وبحري) ..18 دائرة تابعة للأركان العامة بمختلف أنواعها والتخصصات.
خلال تلك الفترة عملت وزارة الدفاع على تأسيس كليتين عسكريتين وإنشاء 12 مدرسة تخصصية بمختلف التخصصات العسكرية.
وتكونت القوات الجوية من 5 الوية عسكرية هي اللواء التاسع ميج 21 في قاعدة العند واللواء طيران نقل السرب الرابع قاعدة بدر واللواء 15 طيران سوخواي واللواء العاشر طيران عمودي في صلاح الدين. بينما تكونت القوات البحرية من 16 للواء مشاة واربعة الوية مشاة ميكانيكة وثلاثة الوية دبابات وثلاثة ألوية مدفعية دبابات وستة ألوية بحرية وصواريخ وإنزال وحراسات وثمانية ألوية قوة جوية ودفاع جوي.
الوضع الاقتصادي
ترك الاستعمار البريطاني وضعا اقتصاديا متخلفا في عموم المناطق عدا عدن التي شهدت ازدهارا بحكم الميناء وبحسب الإحصائيات فإن الاعوام 1968 و 1969 بلغت واردات الدولة 11 مليون و300 ألف دينار.
المراجع:
1- كتاب الحركة الوطنية اليمنية من الثورة إلى الوحدة. سعيد الجناحي.