
حضارة صيهد (1200 – 500 قبل الميلاد) : تسمية اصطلاحية أعطيت لحضارة الممالك سبأ و قتبان و معين و أوسان و حضرموت التي نشأت في الوديان الكبيرة الواقعة على أطراف الربع الخالي الغربية وذلك على غرار التسمية الاسلامية ” بحار رمال السبعتين ” ، وكان ” بيستون ” احد علماء اللغة اليمنية القديمة اول من أعطى هذه التسمية ، ثم أخذ بها من بعده بعض علماء الآثار منهم على سبيل المثال ” ايدينز وويلكينسون Edens and Wilkinson ” الذين كتبوا عن حضارات هذه الممالك الصحراوية.
فخاريات العصر الحديدي
درس العلماء الصناعة الفخارية المميزة التي ترتبط بطبقات أثرية ثقافية تؤرخ إلى بداية العصر الحديدي التي جاءت بأفضل صورها من مواقع مثل ” هجر بن حميد ” في وادي بيحان و” هجر الريحاني وهجر التمرة ” في وادي الجوبة ” و ” معبد أوام ” في مارب و” مدينة يلا ” في مارب و” مدينة براقش ” في الجوف على سبيل المثال ، ففي هذه المواقع عثر على أنواع من الفخار المصنوع من طينة مصقولة ذات طلاء احمر على بدن اسمر / بني ممزوج بالقش أو طينة ممزوجة مع حبيبات رملية ، وكانت هذه الأنواع من الصناعات الفخارية التي جاءت من هذه المواقع والمناطق المذكورة تتشابه من حيث تقنية الصناعة والعجينة الطينية والمعالجات السطحية فأطلق عليها اسم ” فخاريات صيهد العصر الحديدي”.
قراءات أثرية
وقد جاءت اقدم قراءات راديو كربون من موقع هجر بن حميد ، وهجر الريحاني ، وهجر التمرة ، ومدينة يلا ، وهي قراءات تشير الى أن هذه الانواع الفخارية ظهرت في هذه المواقع في حوالي نهاية الألف الثاني قبل الميلاد (1500 – 1400) واستمرت في الظهور الى حوالي منتصف الألف الأول قبل الميلاد. ففي منتصف الألف الأول قبل الميلاد حدث تحول في اصناف الفخاريات السبئية والقتبانية تدريجيا الى انواع مختلفة والدليل الأثري حتى الأن غير كاف بالمرة لإعطاء تفسيرات لتبرير مراحل زمنية ضمن فترة الألف سنة (منتصف الألف الثاني – منتصف الألف الأول قبل الميلاد). وهذه بحد ذاتها مشكلة لا تمكننا من التتبع بشك كاف لمسار التطور الحضاري لمجتمع هذه المناطق الواقعة على اطراف صحراء الربع الخالي الغربية.
والعمارة الضخمة للمعابد والمنشآت العامة هي الأخرى لا تزودنا بمعلومات واضحة الاّ عن بقايا أثرية قليلة عن التركيبات الاجتماعية لمجتمع هذه المناطق ، ولا تتوفر لدينا المعلومات التي تفيدنا في معرفة الاختلافات في المستوى الاجتماعي والثروة ، لأن العمارة السكنية التي تم الكشف عنها من خلال التنقيبات الأثرية التي تمت في عدد من المواقع في هذه الوديان الكبيرة لا تمكننا من القيام بدراسات معمقة وتحليلية مقارنة لحجام البيوت والتقنيات المستخدمة في البناء ومحتوياتها وذلك لأن هذه التنقيبات لازالت محدودة جدا اضافة الى ان اعداد كبيرة من المستوطنات الصغيرة في هذه الوديان قد غطتها ترسبات التربة الزراعية السميكة او الرمال الصحراوية ، فأثر هذا في اكتمال الصورة الاستيطانية لهذه الوديان. ولا توجد مقابر تم حفرها وعثر فيها على مواد وصناعات قديمة نتعرف من خلالها على المستويات الاجتماعية والثروة.