أكتوبر 24, 2017
اخر تعديل : نوفمبر 24, 2018

خرافات شعبية يمنية

خرافات شعبية يمنية
بواسطة : Editors of Al Moheet
Share

الموروث اليمني القديم غني بالخرافات الغريبة، التي تحكي علاقتهم مع الإله القمر (المُقَه)، ومعابده فوق (هرّان)، ومعجزات السحرة، والمنجمين، والكهنة، وهي معتقدات سوف تنتهي مع مجيء الإسلام، لكن بعضاً من ذلك، سوف يبقى حياً، ولو بشكل خافت في الثقافة الشفاهية، عوضاً عن أن بعضه سوف يتوالد ويتداخل مع معتقدات أخرى، وهو ما نراه في الأدبيات الشعبية بشكل عام، ومفردات حياة الإنسان اليمني اليومية.

ومن ذلك، ما يفسر بعض الأمور الخلقية، بدءاً من الحيوانات والكائنات وظواهر الطبيعة، وانتهاء بالفنون الشعبية القولية، فعلى صعيد (الزّامل)- نوع من الرَّجز- ربط “البردوني” نشأته بالجن، وروى أن قبائلاً فرّت أيام الغزو الروماني إلى كهوف الجبال، وفي هدأة الليل سمعت أصواتا جهيرة كثيرة العدد تردد الزامل التالي:-

  • قبح الله وجهك يا ذليل

عاد بعد الحَرايِب عافيــة

عند شب الحَرايب ما نميل

با تجيك العلوم الشافيــة

ولم تر القبائل أحداً ، وإنما كانت تسمع ضجيجا، وتشاهد أمواج غبار، فتأكدت من اشتعال حرب بين قبائل ( الجّان) .. وهكذا تعلموا الزامل منهم.

والملاحظ أن الخرافة تتجلى بوضوح كبير جدا في المثل الشعبي وفي الشعر الشعبي القديم أيضا، فالموروث الأدبي اليمني غنيّ بالأمثال الشعبية التي تتناول موضوعات لم يعد لها وجود في زماننا الحاضر، كما في المثلين التاليين:

  • ما من صَياد لبَن ولو خَدَشت
  • صَياد ما تدخُل إلاّ راس الذليل

فالمثلين السابقين يتعلقان بـ ( صَياد) التي تُسمى في مناطق أخرى من اليمن بـ( أم الصّبيان)- وهي نفس الكائن الخرافي المعروف في بلدان عربية عديدة باسم ( السُعلاة) وتكاد تكون الروايات حول (صياد أو أم الصبيان) متماثلة إلى حد كبير في اليمن وغيرها، حتى أنهم ينسبون لها ولدا يسمونه (سعَيّد) مثلما أهل العراق وسوريا يطلقون على ابنها أسم (طَنْطل).

ثم تأتي قصص الجّان، إذا أن الحكايات تجري عنه على أساس أن الجن قادر على التحول إلى صور بشرية مختلفة، إلاّ أن التحقق منه يتم بالنظر إلى قدميه اللتين تكونان على هيئة حوافر الحمير والخيول.

وهناك أمثال شعبية ارتبطت بخرافات أخرى طالما كان معمولا بها قديما، كما في المثال التالي:

  • مَكْـوى جُمْعــَه

حيث جرى الاعتقاد أن العلاج بالكي لن يكون ذو مفعول أبدا إذا تم العمل به يوم الجمعة، ويعللون ذلك بمواقع النجوم، ويضرب المثل على الأمر عديم الفائدة.

وفي مثل شعبي آخر يتحدث اليمنيون في موروثهم الثقافي الشعبي عن خرافة تقول أن الأفعى كانت لديها أرجل كثيرة ولم يكن في رأسها عيون، فرأت دودة ( الحُلبُباني) التي تسمى عند البعض (أبو أربع وأربعين) فأقنعتها أن تعطيها الأرجل مقابل العيون، وهكذا أصبحت الأفعى بعيون دون أرجل ، وأصبح الحُلبُباني بأرجل دون عيون، فانطلق المثل الشعبي يقول.

  • لا عيد الحُلبُباني ذي عِمي وما نَقَشْ.

خرافات شبه يومية

يعتقد الناس أنه لا يجوز ضرب الطفل وقت الغروب، لأنه وقت مرور الشيطان (جزعة الشيطان)، وكذلك لا ينظفون بيوتهم، أو يعملوا أي شيء آخر في هذا الوقت.

لا يجوز قص (تقليم) أظافر الرضيع، للاعتقاد بأنه سيصبح سارقاً في الكبر. أما إذا لم يدفن (الحبل السري والمشيمة) للوليد في مكان آمن، فربما تأكله القطط، وذلك سيجعل هذا الطفل يفشي الأسرار، ولا يحفظها أبداً.

الأفاعي تدخل في أفكار العامة، فالأفعى (الحنش) الأبيض لا يجوز قتله، لأنه ملك صالح، وإذا مر أمام أحدهم فإنها بشرى خير. أما الأفعى الأسود فهو شيطان العين وبشرى شؤم يجب قتله.. كما جرى الاعتقاد أن لدغة الأفعى في أول الشهر مميته، وتضعف آثارها وأضرارها كلما اقترب الشهر من نهايته.

إذا جاء المخاض امرأة، وعلم رب الأسرة بذلك، وكان عاقداً العزم على السفر، فإنه يتحتم عليه العدول عن سفره، للاعتقاد أن الولادة ستتعسر، ولن تتم حتى يعود الغائب من سفره، فالنسوة تقول (أنه شلّ الحس معاه) أما إذا كان الرجل مضطراً للسفر فإنهم يقطعوا خرقة من ثوبه ويضعوها عند المرأة التي في حالة ولادة.

وهذا الأمر لا ينطبق على البشر وحده بل حتى الأبقار والأغنام تمنع من الخروج للمرعى، مخافة أن تتعسر الولادة حتى تعود.

وهناك تقليد في بعض المناطق يقضي بأن يشتري الزوج كبش صغير ويودعه عند زوجته الحامل لتتولى تربيته، ويسمونه (ربيطة)- الغرض منها هو حفظ الزوجة من التعرض لكراهية أهل البيت، أو الكدر والانزعاج وما شابه.

إذا تزوجت المرأة إلى منطقة عند مدخلها (نجد)، فإنها عند الزفاف ينبغي على العروس عدم الالتفات إلى جهة المساكن الواقعة على ذلك النجد، للاعتقاد بأن نظر العروسة إليها سيبعث الشؤم، ويتسبب بانقطاع المطر.

إذا كانت هناك جنازة تريد المرور على طريق يقع على أحد جانبيه منزل على مستوى أدنى انخفاضاً من الطريق وفيه امرأة (نفاس)، فيجب على المرأة أن ترتفع بوليدها إلى مكان آخر يكون أعلى مستوى من الطريق الذي تمر فيه الجنازة للاعتقاد أنها إن لم تفعل فإن وليدها سيموت أيضاً.

إذا رزق أحدهم بمولود، وظل هذا المولود يبكي فإن المنجمين ينصحون الأهل اسمه، وإذ بدلوا اسمه واستمر بكاؤه، فإن النصيحة حينئذ ستأتي بتغيير اسمه إلى اسم غيب وغير مألوف، لأن نجم الوليد لم يكن متوافقاً مع الاسم.

هناك خرافات كثيرة ارتبطت بالجان، والسحر، ومواقع النجوم، وأوقات اليوم، فضلاً عن تلك المرافقة للزواج، وما ارتبط بزيارة الأولياء، والنذور، ووضع الحناء على الجدران.. وغيرها مما بات اليوم يمثل جزء من ماضي اليمن السحيق الذي طوته الأجيال مع مرور الزمن.

المصدر: مقالة “الخرافة”. في الموروث الشعبي اليمني-موقع المؤتمر نت – 21-أغسطس-2004م.