
سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود، جد السبئيين، من كبار ملوك اليمن في الجاهلية الأولى، قيل: اسمه (عامر)، وقيل: (عبد شمس)، وإنما سُمي (سبأ)؛ لأنه أول من سبى السبايا، وهو أول من فتح البلاد، وفرض الإتاوات، وأول من خطب في جمع، ولم تكن الخطابة معروفة قبله.
كان سبأ بن يشجب ملكًا على صنعاء، وما جاورها، وبنى مدينة مأرب، ثم اتخذها عاصمة له، بعد أول بناء لسدها المشهور، ولأنه أولع بالبنيان، فقد بنى قصورًا عظيمة في أماكن متفرقة.
وصف بالشجاعة فحارب القبائل النائية؛ بغية إخضاعها، وأغار على مدينة بابل، ففتحها في زمن ملكها (النمرود بن ساس)، وقد قال الشاعر (الكلاعي) في ذلك:
وعامرنا المسمى عبد شمـس
تغضُّ له عيون الناظــرينا
سما بالخيل يوم دها الفيافـي
فصبَّح بابلاً بأسًا مُهـــينا
وفاء بخرَّدٍ هيف الأغانــي
ثقال الأذن تحسبهنَّ عِــينا
فسُمي إذ سبى النسوان قسرًا
سباءً وهو جدُّ الأكرمـــينا
فأولد (حمير) العالي أبانــا
و(كهلان) الهمام أخا أبــينا.
وصية سبأ بن يشجب
وقيل: إن سبأ بين يشجب قبل موته جمع ابنيه (كهلان)، و(حِمْيَر)، في جمع من وجهاء عشيرته، وأهل مملكته، وأقعد أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، ثم خطب فيهم، وأوصى ابنيه بعدم الخلاف بعده، ثم أخذ العهود والمواثيق على ذلك.
ومات، ولم يزل (كهلان)، و(حمير)، متفقين، وكذلك أولادهما، وأحفادهما.
قيل: إن مدة ملكه مائة وأربع وثمانون سنة.
وقد جاء في أخبار (سبأ) هذا حديث نبوي، أورد أخباره، وعدد أبنائه، ذكره أبو الفداء (إسماعيل بن كثير)، في تفسير سورة (سبأ)، ونصه:
روى الإمام (أحمد)، عن (عبد الرحمن بن وعلة)، قال: سمعت (ابن عباس)، يقول: إن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: عن (سبأ)، ما هو؟ أرجل، أم امرأة، أم أرض؟ قال صلى الله عليه وسلم: “بل هو رجل، ولد له عشرة؛ فسكن اليمن منهم ستة، والشام منهم أربعة، فأما اليمانيون: فمذحج، وكندة، والأزد، والأشعريون، وأنمار، وحمير، وأما الشامية: فلخم، وجذام، وعاملة، وغسان” رواه الإمام (أحمد)، و(ابن جرير)، و(الترمذي).