أكتوبر 12, 2017
اخر تعديل : نوفمبر 24, 2018

طرق التجارة في اليمن القديم

طرق التجارة في اليمن القديم
بواسطة : Editors of Al Moheet
Share

اكتسبت طرق التجارة البرية منها والبحرية التي ربطت جنوب شبه الجزيرة العربية بحضارات العالم القديم، أهمية تجارية خاصة، تلك الأهمية التي لم تقتصر على حجم البضائع وقيمتها الاقتصادية، بل بما تمخض عن ذلك الاتصال من تبادل حضاري وثقافي هام. ومن المعلوم أن طبغرافية المنطقة، ومناهل المياه، وتوفير الحماية من الشروط الأساسية التي تحدد اتجاه الطريق الذي تسلكه القوافل، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الطريق البرية قد تتحول أحياناً تبعاً لعوامل سياسية أو اقتصادية أو عسكرية، وقد ينتج عن ذلك ظهور مدن واندثار أخرى.

الطرق البرية

ومن الملاحظ أن كثيراً من الطرق البرية قد فقدت معالمها عبر الأزمنة التاريخية؛ فتاريخها – الذي يعود إلى أكثر من (3000) ثلاثة آلاف عام – بحاجة إلى بحث ودراسة علمية تسهم في إحياء الحضارة الإنسانية. وفي البحر ظل العرب ولعهود طويلة محتفظين بأسرار الملاحة في المحيط الهندي، حتى نهاية القرن الثاني قبل الميلاد، وبعدها أصبح اليونانيون والرومان المنافسين للعرب في الملاحة بالمحيط الهندي، وخاصة بعد أن اهتدى اليوناني (هيبالوس) إلى سر استخدام الرياح الموسمية الجنوبية الغربية خلال الصيف، مما ساعد على تقصير وتقليل أمد الرحلة من البحر الأحمر إلى مداخل الهند، في عرض المحيط الهندي مباشرة، ودون الالتزام بخطوط السواحل الطويلة، أو الحاجة لوساطة العرب. ومنذ ذلك الحين فقط بدأ الرومان يقومون برحلات بحرية منتظمة إلى بلاد الهند، واستطاعوا أن يمخروا عباب البحر على مقربة من الموانئ اليمنية.

طريق البخور

ومن أشهر الطرق التجارية في العالم القديم ما يسمى بطريق البخور، وهو طريق تجارة القوافل قديما، ومعبر تجاري دولي بين الشرق والغرب. يبدأ من سواحل اليمن علي بحر العرب الي شمال البحر المتوسط، مرورا باليمن وجنوب الجزيرة العربية وينقسم الي طريقين أحدها يتجه الى نجد ثم العراق وفارس، والاخر يتجه الى شمال الجزيرة العربية ثم مدينة البتراء في الأردن، ومن بعدها الى فلسطين على البحر المتوسط. ويأتي الى البتراء طريق آخر من سيناء في مصر ويلتقي مع الطريق القادم من شمال الجزيرة العربية. كانت القوافل العابرة عبر طريق البخور محملة بالبخور، التوابل، ومنتجات الشرق إلى دول أوروبا.

شجرة اللبان

وعرفت ظفار في العالم القديم وعصور الحضارات المزدهرة كالحضارات السومرية والفرعونية والهندية والصينية واليونانية والرومانية وغيرها من الحضارات والشعوب القديمة لوجود «اللبان» تلك الشجرة التاريخية المقدسة المهمة في تلك العصور كما ورد في اللوحات القديمة و الكتابات والرسوم نظرا لمكانة شجرة اللبان و أهميتها الثمينة دينيا واقتصاديا حيث تعد مدينة سمهرم شرق ولاية طاقة التي تعود إلى الألف الأول قبل الميلاد إحدى المدن المهمة التي بنيت بعد ظهور تجارة اللبان مع الحضارات القديمة وتفوقت أهميته التصديرية للخارج ولما كان اللبان السبب الأكثر بروزا عبر التاريخ في شهرة ظفار في العالم القديم فقد شغلت مساحة حضارية مهمة في التاريخ لكونها مصدرا أساسيا لهذه المادة إلى جانب مادة الصمغ أيضا و كان أثره كبيرا على تطور تاريخ المنطقة و على المنطقة الأوسع في الشرق الأوسط .

الاهتمام باللبان

أثار “ اللبان ” في ظفار اهتمام المؤرخين الأوائل و كتبوا عن هذه السعة منذ عام 400 قبل الميلاد بدءا من المؤرخ اليوناني الشهير هيرودوت ثم بيليني وبطليموس و ديودورس وسترابو وغيرهم وهؤلاء جميعهم تركوا انطباعات وإشارات كما تقول المصادر التاريخية عن أممية اللبان وندرته في العالم والتي كانت سببا في ازدهار المنطقة التي تحتكر إنتاج اللبان وكان الطلب التجاري عليه من العالم القديم لا يضاهيه الطلب عليه أي سلعة أخرى و قد شكل ميناء سمهرم مركزا بحريا مهما لتصدير اللبان إلى العالم القديم بالإضافة إلى المراكز البرية المعروفة التي انتشرت على طول قوافل تجارة اللبان كانت حضارات الشرق الأدنى تعتمد على ميناء سمهرم في جلب ما تحتاجه من اللبان اللازم لمعابدها .

صلات تجارية

والحديث الذي يدور عن العلاقات التجارية الواسعة مع ظفار لا يتضح إلا إذا عدنا كما يقول البروفيسور بوريس زاريتز إلى العصر الحجري الحديث حيث كانت هناك معابر الطرق التجارية وخاصة الربع الخالي بدليل أن الأواني والمعدات التي تنتمي إلى العصر الحجري الحديث قد وجدت على طول المنطقة وفي كل بقعة من شبه الجزيرة العربية و وجدت بقايا هذه الحضارة في ظفار وفي شمال عمان وفي المناطق الداخلية من اليمن وفي منطقة عسير وعثر من سروات وتهامة اليمن على نماذج من فنون الرسم من تلك الحقبة على جدران الصخور والكهوف .

وقد أثبتت الاكتشافات الأثرية في شبه الجزيرة العربية وفي مصر الصلات التجارية منذ أكثر من 5000 سنة قبل الميلاد وقد كشفت الحفريات في منطقة غزة أيضا هذه العلاقة حيث إنها كانت نقطة النهاية للتجارة البرية الغربية وفي النصف الثاني من الحقبة في الألف الأول قبل الميلاد ازداد الطلب على اللبان نتيجة الاستهلاك المتزايد في كل من بلاد ما بين النهرين و وادي النيل وسوريا واليونان وروما حيث ارتفع الطلب إلى قمته في القرون الأولى الميلادية وكان ذلك هو العصر الذي كان فيه اللبان أهم سلعة على الإطلاق يجري تصديرها من بلاد العرب من أرض اليمن في مناطق ظفار والشحر وسقطرى والمهرة من حضرموت إلى الغرب وكذلك بلاد السند والصين.