
عبدالله عبدالرزاق باذيب، كاتب وصحافي وسياسي، ولد في منطقة الشحر بمحافظة حضرموت في 1931 تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في عدن وحصل على الشهادتين من مدرسة بازرعة الخيرية، ثم التحق بالمدرسة الحكومية الثانوية، واضطر إلى تركها عام 1951م.
تمكن عبدالله باذيب بالاستناد إلى ثقافته الذاتية أن يلفت الأنظار إليه في الوسط الثقافي والاجتماعي وهو ما يزال طالباً .وتنوعت قراءاته بين الأدب والتاريخ والفلسفة والسياسة.
في عام 1949 أصدر “باذيب” مجلة “المستقبل” الشهرية وهو في السنة الأولى من المدرسة الثانوية، وكان المحرر الرئيس في المجلة، ومثلت “المستقبل” مرحلة هامة في حياة عبدالله باذيب إلى أن توقفت بعد عامين ونَيف من صدورها .
العمل الصحفي
وتعددت الصحف التي عمل باذيب بها لفترات قصيرة : النهضة ،البعث، الفجر، الجنوب العربي و الفكر إلى جانب إسهامه في تحرير صحف أخرى وفي كل مرَة كان يترك هذه الصحف بعد وقت قصير من العمل فيها إما لخلاف مع أصحابها أو لغلقها من قبل السلطة. وفي هذه الفترة برز اسم باذيب كاتباً سياسياً مرموقاً ومفكراً وطنياً تقدمياً يتسم بوضوح الرؤية وبعد النظر واستشراف المستقبل ، إضافة إلى أسلوبه اللاذع .
نشر مقاله “المسيح الجديد الذي يتكلم الإنجليزية” الذي يرد فيه على الكتابات التي كانت تدعو في تلك الفترة ( 1955 )إلى التعايش مع الحكام فاعتقلته السلطات البريطانية وقدمته للمحاكمة بتهمة “إثارة الكراهية والعداء ضد الحكومة وبين طوائف وطبقات السكان” . وتشكلت ردة فعل شعبية أرغمت الإحتلال البريطاني على تخفيف الحكم.
باذيب في تعز
قرر باذيب الخروج إلى تعز في شمال اليمن في أواخر 1958 . ومن هناك أخذ يواصل نشاطه السياسي والفكري من خلال إصدار صحيفته “الطليعة”، ليحمل من هناك لواء الدعوة لوحدة كل القوى الوطنية من أجل مواجهة المشاريع المشبوهة المطروحة حينذاك والتي تمثلت في “اتحاد إمارات الجنوب” و “الحكم الذاتي لعدن” وربطها بعلاقات أوثق بالاتحاد ، تعزيز القواعد العسكرية في المنطقة ، إضافة إلى التسلل الاقتصادي والسياسي الأميركي في الشمال . وبعد فترة قصيرة من صدورها ( 13 عدداً ) أغلقت السلطات الصحيفة بتحريض من الدوائر المرتبطة بالمصالح الأميركية.
حينها عاد عبدالله باذيب إلى عدن في 1962 حتى بدأ يفكر جدياً في تأسيس تنظيم سياسي بعد أن أخذ التوجه الذي عمل من أجله يبرز كتيار نامٍ مؤثر في الحركة السياسية ، وفي 22 أكتوبر من نفس العام تأسس “الاتحاد الشعبي الديمقراطي” بقيادته لتبدأ مرحلة نوعية جديدة في حياته الحافلة بالأحداث الهامة .
ثورة سبتمبر
فور قيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962 ، سارع عبدالله باذيب إلى تأييدها بمختلف السبل , وأصدر التنظيم الذي يرأسه بيانا يحدد الأهداف والمهام التي تنتصب أمام الثورة الوليدة ، فأكد البيان أن “المهمة الرئيسية المطروحة الآن أمام شعبنا …هي صيانة الجمهورية الفتية وضمان سيرها في طريق التطور الوطني المستقل” وأكد البيان بصورة خاصة على أن من أبرز مهام الثورة مساندة الشعب في الجنوب في نضاله ضد الاستعمار. وفي عام 1963 أعتقل عبدالله باذيب مع عدد من العناصر الوطنية القيادية البارزة إثر حادث إلقاء قنبلة في مطار عدن على المندوب السامي البريطاني وبعض السلاطين ، ثم أفرج عنهم جميعاً تحت ضغط الرأي العام المحلي والدولي .
ثورة أكتوبر
وعندما قامت ثورة 14 أكتوبر المسلحة في جنوب اليمن كان عبدالله باذيب من أوائل الذين أيدوا الثورة فهو قد رأى فيها طريق الخلاص الحقيقي من الاستعمار ، وأدرك منذ وقت مبكر أن الثورة تملك كل شروط البقاء والانتصار .
المناصب
تولى باذيب وزارة التربية والتعليم في نهاية عام 1969، وخلال توليه الوزارة أسهم في حل عدد من المشكلات المتعلقة بالتعليم الأهلي وألحقه بالوزارة من حيث الإشراف والتوجيه وأعفى طلبته من الرسوم . كما تحققت للمدرسات إجازة الولادة مدفوعة الأجر ، وأنشئت الإدارة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار ، وتأسست أول كلية للتعليم العالي وهي كلية التربية العليا التي غدت فيما بعد نواة جامعة عدن.
في عام 1972 عين عبدالله باذيب وزيراً للثقافة والسياحة التي كانت مجرد إدارة صغيرة للثقافة . وخلال فترة قصيرة تحولت هذه الإدارة إلى وزارة وصار لها كثير من المشاريع في مجالات الآثار والدورات الأكاديمية والفنون بمختلف أنواعها ، وفي عهده أنشئ لأول مرة المسرح الوطني وأول معهد للموسيقى والفنون الشعبية .
الجبهة القومية
بعد قيام التنظيم السياسي الموحد _ الجبهة القومية _ أنتخب عبدالله باذيب عضواً في لجنته المركزية والمكتب السياسي وسكرتيراً للثقافة والإعلام . وكان هم الفقيد الرئيس في سنواته الأخيرة إرساء أساس متين للعمل الأيديولوجي في الحياة الداخلية للتنظيم السياسي.
عام 1968 شكل عبدالله أول لجنة يمنية للسلم ، واختير في نفس العام عضواً في مجلس السلم العالمي وفي 1974 عضواً في الهيئة الرئاسية للمجلس تتويجاً لدوره البارز في النضال من أجل مثل السلم والتحرر والتقدم.
مؤلفاته
صدر لباذيب عدة مؤلفات منها “توابل” وصدر عن مؤسسة 14 من أكتوبر – عدن 1977، وله مؤلف بعنوان: «كتابات مختارة» (جزآن) – دار الفارابي – بيروت 1981.
وفاته
وقد توفي باذيب رحمه الله في 16 (أغسطس) 1976 إثر نوبة قلبية .