مارس 6, 2023
اخر تعديل : مارس 6, 2023

عن كتاب ” طلب المعارف في أخبار المعافر “

عن كتاب ” طلب المعارف في أخبار المعافر “
بواسطة : أنيس القباطي
Share

طلب المعارف في أخبار المعافر هو كتاب مُحقق يتحدث عن اهمية الكتب التأريخية في تقوية وعي المجتمعات العربية المعاصرة ومنها القَبيلة في وقتنا الحاضر والأهداف المستفادة منها ( تطور قبائل محافظة تعز إنموذجاً باليمن ) ، والتركيز على دراسة الخلفية التاريخية و العشائرية لمحافظة تعز باليمن و في مختلف مناطق الدول العربية ودورها بالمشاركة في الفتوحات الإسلامية بصفة خاصة مع الذكر لدور القبائل اليمنية بصفة عامة .

لقد قام رسول البشرية الأكرم بعد تأسيسه لدولة العدل والحق في المدينة المنورة بمراسلة المُلوك في عصره ..ومنهم ملوك اليمن وكافة قبائل اليمن إضافة الى مراسلته الملك باذان حاكم صنعاء فقط ، والمنتمي الى الفرس كما هو معروف ، و الغريب أن التركيز لبعض المؤرخين وما يتم تدريسه بالمدارس هو الذكر لرسالة الرسول الى الملك باذان فقط .

ولقد بعث الرسول الكريم برسائل كثيرة الى قبائل وملوك حضرموت ومارب ونجران و تهامة وقبيلة مذحج و همدان وملوك حمير و المهرة وقبائل الأزد في عسير وكل قبائل اليمن في ذلك العصر كلاً على حده وأوفد اليهم الرسل من أتباعه ..
و مما جاء في كتاب رسول الله الى ملوك حمير باليمن ” قدم على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مالك بن مرارة الرّهاوي رسول ملوك حمير بكتابهم واسلامهم وذلك في شهر رمضان سنة تسع عند مقدمه من تبوك وهم : الحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال والنعمان قيل ذي رعين ومعافر وهمدان
قال ابن اسحاق : وبعثوا إليه زرعة ذو يزن مالك بن مرة الرهاوي فكتب اليهم رسول الله : الى الحارث بن عبد كلال والى نعيم بن عبد كلال والى النعمان قيل ذي رعين ومعافر وهمدان ..” الكتاب طويل ومن اوجه مختلفة في كتب السيرة والتاريخ ، و مع توالي رسل الرسول الى كافة مناطق اليمن منهم الامام علي كرم الله وجهه ومعاذ بن جبل و ابو موسى الاشعري ، وهناك غيرهم كذلك أُرسلوا الى حضرموت والمهرة و نجران وقبائل ازد شنؤه قبائل عسير..

اريد الاشارة هنا الى ذكر القبائل الحميرية المذكورة بالكتاب مع بقية القبائل الداخلة تحت مُلك اقيال حمير في ذلك الوقت ، وهي قبائل ذو رعين والمعافر وهمدان اي من هي تلك القبائل .

ذو رعين هو يريم و ينتهي نسبه الى حمير و كان يضم مخالف كبيرة باليمن في المنطقة الوسطى في اب والبيضاء ورداع ويافع وابين .. و ربما عنس ذمار عنس حمير كما في المراجع وليست عنس نجران التي منها الصحابي عمار بن ياسر وعتمة و… .
و ما زالت هناك عزلة رعين من توابع يريم الى اليوم بهذه التسمية .
والغريب والمستغرب ان بعض من ابناء يريم يحسِبون انفسهم اليوم على قبيلة بكيل ، وهم ومناطق ما يعرف بخُبان اليوم اليحصبيين و الرعينيين قلب قبائل حمير وقلب الدولة الحضارية الحميرية القديمة وقد بنوا القلاع بعد الفتوحات في الشام والاندلس وكان منهم الوزراء والقضاة والولاة والعلماء مثلهم كمثل المعافريين وباقي القبائل اليمنية ( ومازالوا الى اليوم قبلة التحضر و يملؤون دول الاغتراب في اوروربا وافريقيا وشطآن الامريكيتين كما وصفهم المؤرخ عبدالرحمن طيب بعكر هم والمعافر ورداع ) وما زالوا كذلك قِبلة السياحة لليمن مع قضاء،اب والعدين .

وقد ذَكَر الهمداني في صفة جزيرة العرب عند كلامه عن أودية مخلاف ذي رُعين وادي خبان ، و المتوقع انه اليوم ضمن وادي بنا الشهير .
و هناك خُبّان كذلك في نجران تشابه المسميات .

وخُبّان : بضم الخاء وتشديد الباء تقريباً حُرّفت التسمية لتسهيل النطق بها الى خُبَان بفتح الباء وكثيراً ماتم تحريف الكلمات و المسميات في لهجاتنا اليوم وتسميتها مثلاً ك شبّان التي تقع اسفل النجد الأحمر و سيّان في سنحان وضيّان في همدان صنعاء وعقّان في لحج وعزّان في البيضاء .. وخُبّان على وزن فُعلان كما خولان وبعدان وريدان وسنحان وحيفان وذُبحان … وهي تسميات كثيرة باليمن و الأسماء لا تُعلل بغالب الأحوال .

وخُبّان هي قبيلة حميرية أُطلقت تسميتها في القرون المتأخرة ربما أثناء إنشاء القضوات الإدارية باليمن على مخاليف حميرية كثيرة بالمنطقة الوسطى مخاليف ذي رعين و يحصب والعود والتراخم و بعدان .. وتقع في النصف الشمالي لمحافظة إب وهناك مخاليف ميتم وجيشان بقعطبة جهة الشرق والتسمية هي من باب إطلاق الخاص على العام تقريباً و لتمييز تلك المناطق بالمجمل بتسمية المركز الأبرز فيها وهي في الواقع اي قبيلة خُبّان تنحصر في اجزاء من مديرية السدة وليست حتى كل مديرية السدة نظراً لكثرة المخاليف والقبائل المذكورة معها في تلك المناطق .
وهذه المخاليف التاريخية تمثل اليوم مديريات السدة و النادرة والعود والرضمة والشِّعر ودمت… و البعض من يَضُم لها يريم والقفر من مخلاف يحصب والذي يضم ايضاً عتمة واجزاء من ذمار .

و هناك من يقول انّ بلاد خبان كلمة حميرية تعني الأرض الخضراء لكن يحتاج هذا الراي إلى تاكيد من العارفين باللغة الحميرية إن وجدوا او الاستدلال بأي مصدر تاريخي.
لكنني اميل الى الراي الأول وهي مسمى لقبيلة يمنية كغيرها من تسميات القبائل والمناطق اليمنية .

وهذه المناطق من اخصب مناطق اليمن حيث تتمثل في أودية وجبال وهضاب تتفجر من جبالها شلالات و عيون الماء وتتدفق في وديانها الغيول الجارية طوال العام واشهر اوديتها وادي بنا الشهير .
وكانت هذه المخاليف قديماً مركز لدولة حمير و المتمثل بعاصمتها ظفار على سفح جبل ريدان التاريخي في قاع الحقل الخصيب و التي قضى عليها الأحباش في القرن الأول قبل ظهور بعثة سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام .
و هناك ظفار حاشد وظفار في المهرة التي في عُمان تشابه مسميات .
و في هذه المناطق قبائل وبطون كثيرة منذ القدم .
و على ذكر تشابه المسميات توجد بالقفر كذلك قبيلة مذحج من حمير ولا يقصد بها مذحج التي تعتبر من أمهات القبائل اليمنية وهناك كذلك مذحج في مديرية الشمايتين بالحجرية، وهذه التسميات من باب محاكاة القبائل الكبيرة المشهورة عبر العصور المختلفة وكما هي خولان صنعاء وخولان صعدة وخولان العدين وخولان جبل حبشي وخولان رداع التي لم يبق لها ذكر في يومنا هذا .

وهي مخاليف متخالطة مع بعض ومع مخلاف ذو الكلاع الذي كان يضم الثجة إب و حبيش والعدين وقد كان التكلع الثاني لقبائل حمير قبل الاسلام مع مناطق وصاب وريمة اما التكلع الأول فكان يَضم مناطق كثيرة الى مناطق حراز وهوزن والتكلع بمعنى التجمع وقد شارك ذو الكلاع الحميري بالفتوحات الاسلامية ايام الخليفة عمر بن الخطاب وكان زعيم حمير بالشام .
و قد كان لهذه المناطق كما اسلفنا دور المشاركة بالفتوحات الاسلامية كغيرهم من اليمنيين اضافة الى دورهم الريادي في تأسيس و بناء الدولة الاسلامية الحضارية في بدايات تكونها لما لديهم من خبرة ورصيد حضاري متوارث من الدولة الحميرية قديماً ،فكان منهم الأعلام البارزين في الأمصار الاسلامية .

والمعافر يقصد بها مناطق محافظة تعز ومعهم السكاسك الأصل الثاني للمعافر بعد حمير و معهم الصبيحة .. والمناطق المجاورة كذلك .

وهمدان يقصد بها همدان الصغرى ( وليس همدان الكبرى التي منها الفرعين الابرزين باليمن حاشد وبكيل ومنازلهم ما بين ارحب و نهم و عمران الى الجوف والى بعض قبائل نجران كقبيلة يام ووائلة والتي راسلها الرسول الأكرم بكتاب منفرد لحالها) و هناك همدان في مناطق شرعب ذُكرت انها نُسبت الى شعب همدان الصغرى وقد تكون هي المقصودة بالكتاب او انه تشابه بالتسمية و الذي أشرت اليه كثيرا بخصوص تشابه مسميات القبائل اليمنية والعربية .
همدان الصغرى هي همدان الصغرى وهي قبيلة حميرية كما في الاكليل وفي أغلب المراجع التاريخية هي والحيمتين وهي قبائل الاخروج قديماً وسنحان وهو مخلاف ذي جرة قديماً وخولان صنعاء وبني حشيش وبني الحارث وحراز و حضور (قبائل بني مطر اليوم) والتي كانت تتكلم الحميرية هي و منطقة يريم وغيرها من مناطق اليمن كما ذكرها الهمداني في بداية القرن الرابع الهجري وقبائل المحويت كذلك كلها قبائل حميرية أي نسبة الى حمير الأكبر وهذه المناطق او القبائل منها ما دخل في حاشد كهمدان وسنحان والبقية دخلت في بكيل نتيجة تحالفات قبلية قديمة فقط .
عندما تكلم الرئيس الاسبق علي عبدالله صالح عن لقب جده عفاش فقال ان جده عفاش كان شيخ وانه حميري لكن محسوب على حاشد ..
لقد كان الصراع بين الحميريين والسبائيين قديما للسيطرة على مارب وعلى صنعاء في القرون المتأخرة للحضارة اليمنية .
هذا و لا يعرف كيف تم اختزال القبائل اليمنية في حاشد وبكيل ومذحج فقط في ثقافة الكثير من المناطق ! ، سأل وفد صحفي خليجي زائر لليمن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في التسعينات عن القبائل اليمنية فذكر له حاشد وبكيل ومذحج وحمير واكثرها قبائل حمير .

نذكر هذا الجوانب للمعرفة التاريخية ولمعرفة كيفية توظيف واستغلال التحالفات القبلية والمناطقية لمصالح سياسية للحاكم منذ القدم وكذا المذهبية احيانا و التي تخل بنسيج المجتمعات فيتم الكلام عن قبائل كبيرة وقوية وضعيفة ،
مما ينتج عنه نظرة استعلاء وغرور و تمايز مناطقي طبقي وفئوي.. يؤثر على تعايش المجتمعات .

* لقد ظهرت الشعوبية في الدولة العباسية وأثّرت عليها وخلخلتها من الداخل وهكذا في اي شعب من شعوب العالم ونحن مسلمون وقد قال سبحانه وتعالى ” وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم ” فالكرامة بالتقوى من الله هي معيار التمايز عند الله وليس حتى عند البشر .
اليهود قالوا انهم شعب الله المختار وأدبروا العالم الى اليوم بمشاكلهم كذلك العرق الأبيض الأوربي الذي أباد حضارات الهنود الحُمر في الامريكيتين وكذا ابادوا السكان الأصليين في استراليا .

*من المؤسف انه رايت كتابات تدعو الى الاحتفاء بلغة و يوم المسند الحميري … !.
صحيح علينا ان ندرسها و نناقشها ونحافظ على آثارنا من النهب والطمس شيء طبيعي ومطلوب .

لكن و لأننا أصل العروبة كما نقول نفكر في هذا الجانب ! فما بالنا بالشعوب العربية الأخرى ، و بعدما أعزّنا الله بالاسلام و وصلنا به الى الأندلس و بلُغَتنا العربية التي هي نتاج تفاعل وتتطور متعاقب للغة الجنوبية اليمنية الأم… فأولى بنا ان نكون أول من يستهجن ذلك نحن اليمنيين .

هذا الامر يقودنا الى التمايز مع الهاشميين وتمايز العرب مع بقية المسلمين كذلك في أمور التعايش المجتمعي وعلاقاته المختلفة و كذا في السياسة وفي مختلف الأمور فقد فصلت آية ” وامرهم شورى بينهم ” في هذا الجانب والدين المعاملة والقدوة الحسنة و ليس مُحتكراً او ملكاً لمذهب او جماعة او افراد .
اما اذا وُجد تمايز رباني او كرامات لهذا أو لذاك من عامة خلق الله كمسلمين فهذا امر سماوي وليس له تأثير دنيوي كتعامل بشري اما ان يدّعي بذلك اناس فذاك شانهم ولا نوافقهم عليه .

معيار التنافس بين الشعوب او الأفراد هو معيار العمل وليس معيار النسب ” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون ” إضافة الى معيار التقوى لنا كمسلمين.
التمايز باي صورة من صوره مخالف لفطرة خلق الله للإنسان .
هناك من الأئمة باليمن و من غيرهم من كان يسلب وينهب لأجل السلطة وهناك من القبائل والفقهاء والعلماء من كان يتصدى لهم ..وهناك من القبائل من كان ينهب ويسلب للمناطق كذلك وهناك من كان من الأئمة من يتصدى لها ويردعها …
لكن لا توجد افضلية وصكوك غفران لهذا او ذاك من المسلمين .

اعتقد انّ ازمة الحُكم العربي بدأت منذ دخول العنصر الفارسي والتركي بالجيش العباسي وازاحة العرب من مقاليد الحكم لقرون كثيرة وانكفاء العرب لصراعاتهم القبلية والمذهبية و حتى عهد ظهور فترة الزعيم جمال عبدالناصر الذي حاول استعادة المجد و اللُحمة العربية وفرح له العرب كثيراً ( يُقال انه لم تُحكم مصر من أبنائها من ايام الفراعنة الى أيام جمال عبدالناصر )حيث و لم تقم للعرب قائمة تُذكر كدُول قوية لها ثقلها بعد سقوط الدولة العباسية ، ( كما كانت للعرب فرحة بثورة ماسُمي الثورة العربية الكبرى ايام الشريف الحسين بالحجاز لكنهم سرعان ما تبينوا انها كانت خُدعة للعرب ..) وكذا فترة الزعيم صدام حسين من بعده الذي اعدمه الحقد الدفين المتعاون مع المحتل الأمريكي في يوم عيد المسلمين الأكبر.

ملحوظة هامة ” ليس كل ما جاء وحَدَث في التاريخ قد تم نقله وتدوينه للأجيال وليس كل ما جاء و نُقل ودُوّن من التاريخ تم تدوينه بحياديه ..”

نسال الله رب الأرباب ان يَمن على الشعب اليمني بإنهاء هذه الازمة والحرب بكلمة سواء بين اليمنيين .
والله وكيلنا وحسبنا .