
الأربعاء، أو (الربوع) كما يسميه عليه أهل البيضاء اليمنية، من أيام الأسبوع التي يتشاءم منها أهل محافظة البيضاء، والمعروف أن ذكر كلمة “الربوع” امامهم، يجعلهم يردون فورا “قرن وقرن أبوك”، ويفسر البعض ذلك بأن التشاؤم من يوم الأربعاء هي عادة قديمة بدأت في الجاهلية ومتوارثة، وليست مقصورة على أهل البيضاء بل ايضا جزء من مناطق شبوة أما الرواية الأخرى فتقول:
حدث قتال بين قبائل البيضاء كان في بداية الأمر بين سلاطين البيضاء، (آل الرصاص) وهي قبيلة قوية ومعروفة لدى كل قبائل المشرق، واتحاد قبائل أخرى من قبائل المنطقة (بنير) وعلى راسهم قبيلة (آل حميقان) وهي قبيلة أيضاً معروفة الحسب والنسب والقوة لدى قبائل المشرق.
وأثناء معارك قوية وكثيرة بين قبائل المنطقة (هذا من حلف السلطان وهذا من حلف المتمردين)، قُتِل أخو السلطان حسين بن أحمد الرصاص وهو الشيخ صالح بين أحمد الرصاص، فكان هذا ما أشعل فتيل الحرب.
وهنا كانت المقتلة الكبيرة (والخطأ الفادح الذي ارتكبه أبناء المنطقة الواحدة على بعضهم) فقد قام السلطان في تلك الحالة (بالتنكيف)، على القبائل المتمردة في البيضاء، والنَّكف في العرف البدوي القبلي هو اتحاد قبيلتين أو أكثر ضد قبيلة أخرى يغيرون عليها لهدف مشترك أو لأن الطرف الآخر عمل من العيب ما يستوجب الإغارة عليهم.
نكف السلطان
نكف السلطان على قبائل البيضاء بمساندة الإمامة في ذاك الوقت فأخرج الإمام قبائل عديدة منها قيفة وخولان والحدأ وبعض القبائل الشمالية مع قبائل السلطان ضد المتمردين بقيادة الشامي وهنا جاء الزامل المشهور الذي قاله الشيخ (صالح بن هادي الظُّفري) ، وهو شيخ قبائل الظُفريين في منطقة الطفة من محافظة البيضاء وركيزة من ركائز قبائل البيضاء والمشرق جميع آن ذاك فقال:
يا درب ذي ناعم ويا حيد امْسما بـ اتْخبَّرش كم جت من امْقِبلة زيــود
سبعة وتسعين الْف ذي عدَّيت نا من عسكر امْشامي توطَّي يالحيــــود
وعلى هذا الأساس قامت معاركة ضارية وقوية بين قبائل البيضاء وما حولها على رأسها آل حميقان كما قلنا وقبائل السلطان الرصاص، (وحلفاؤه من قبائل الإمام) وكانت الغلبة لصالح السلطان الرصاص الذي أخذ بثاره وثار أخوه وإطفأ نار غله وتم خضوع (مدينة البيضاء) بالتحديد لصالح السلطان، وهنا جاءت النكسة، حيث إن الإمام لمَّا أخرج القبائل ما إلا تحت قاعدة (فرِّق تَسُد)، ومتى ما تمزَّقت الصفوف وجبت الهزيمة، وهذا ما حصل.. بعد هزيمة قبائل البيضاء سيطر الإمام على مدينة البيضاء وحاول مد نفوذه على القبائل الخارجية البدوية، (البنير) وعلى رأسهم سلطان البيضاء السلطان حسين بن أحمد وقبيلته الجاسرة (آل الرصاص).
معارك السلطان
وهنا جاءت نكسة أخرى ولكن ليس للبيضاء ككل بل للسلطان بالتحديد حيث دخل في معارك ضارية وقوية جداً وعلى سنين طويلة بينه وبين الإمامة – وهذه نتيجة طبيعية – وهذه المعارك مشهورة فهناك من الأشعار ما يكفي لإثباتها ولعل أشهرها اشعار الشاعر المرحوم الكبير: ابن لَزنم الدياني العولقي من شيوخ وشعار منطقة خورة – العوالق العليا – ومن أصدقاء السلطان وحباطة لقبائل الرصاص والبيضاء، حتى أن السلطان بعد معارك قوية مع الإمامة خرج من منطقته وتربَّع في منطقة خورة، ثم حاولت سلطات الجنوب، (الإنجليزية أو السركال كما يسميها البدو، القبض على السلطان فهرب من خورة راجعاً إلى بلاده مواصلاً مسيرة القتال الضارية حتى قُتل.. وبعد مقتل السلطان، دخلت البيضاء وما حولها تحت سيطرة دولة الإمامة التي كانت في الشمال.