
معبد أوام، أو كما يطلق عليه في اليمن حالياً (محرم بلقيس)، هو واحد من أقدم المعابد اليمنية القديمة التي ما زالت أطلالها باقيةً حتى الآن، وقد كان مكانا مقدساً تمارس في العبادات إلى بداية النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي .
يقع (معبد أوام) على مسافة (10 كم) الى الجنوب من العاصمة السبئية (مدينة مأرب الاثارية) والتي تقع في محافظة مأرب إلى الشمال الشرقي من العاصمة اليمنية صنعاء .وترجح الأدلة الأثرية التي عثر عليها في المعبد، أن تاريخ بنائه، يعود إلى حوالي النصف الأول من القرن السابع قبل الميلاد اي في عهد حكم المكرب السبئي الذي يدعى (آل ذرح بن سمه علي) مكرب سبأ .
ويبدو أن (معبد أوام) كان المعبد الرئيسي للإله (المقة) إلاله القومي للدولة السبئية. والمقه هو اسم السبأي لاله القمر والذي لقبه السبئيين ب “سيد الأرض” وهو الاله المسؤول عن نماء وخصوبة الارض الزراعية.”. والرسوم السبئية تصوره على هيئة إنسان برأس ثور بيده عصا غليظة او ثور بوجه إنسان وغالبا ما يكون مجنحا أو يكون مجرد ثور مجنح وأحيانا غير كذلك. وقد كان السبئيون يعتبرون أنفسهم أبناءه.
بناء المعبد
ويتكون سور المعبد من الأحجار المنعمة والمزخرفة بنقوش وخطوط المسند بمتوسط ارتفاع للصف الواحد يبلغ 30 سنتيمتراً. ويعد هذا المعبد هو الأقدم والأكبر من نوعه فى الجزيرة العربية، وهو مرشح لأن يكون أعجوبة الدنيا الثامنة، ويعتقد الخبراء أن عملية بناء المعبد استغرقت وقتا طويلا على مرحلتين. وتقول المصادر الآثارية أن سور معبد “أوام” بنى من صخور كلسية من جبل البلق، نقلت إلى الموقع وأضيفت لها كتل البازلت المجلوبة من جبل حام البركاني.
ويبلغ طول سور المعبد حوالى 752 متراً بسماكة تصل إلى 5.3أمتار، ويتوسطه مدخل بطول52 متراً وعرض 24 متراً هو قاعة أعمدته الثمانية المقامة بخط مستقيم. ويقع مدخل المعبد الرئيس فى الجهة الشمالية الشرقية من السور، ويتكون من فناء مستطيل محاط بأعمدة حجرية ويرتبط بالفناء الدائرى بمدخل واحد. يشير تقرير الآثاريين الألمان أن المعبد يتألف من مجمع يضم وحدات معمارية مختلفة أهمها منصة المعبد والفناء الأمامي وملحقاتهما، مثل السور الكبير والمبني من الطوب والمنشآت التابعة وكذلك قناة الري التي كانت هناك بعرض أربعة أمتار وعمق ثلاثة أمتار، ولم يبق منها شيء.
وتطورت العناصر المعمارية لمعبد برآن عرش بلقيس خلال 1500 عام لتشكل في نهاية المطاف متنسكاً كبيراً وكانت النواة هي المعبد التي تمثلت في أربع بنايات تراكمت الواحدة فوق الأخرى في فترات زمنية متفرقة ودفنت الثلاث الأولي منها تحت المنصة الكبرى لبناية المعبد الرابعة والأخيرة التي تكشف معالمها اليوم غير أن الآثاريين والباحثين يجهلون حتي الآن مخطط المعبد الأول الأصل كما يجهلون الطقوس التي كانت تقام فيه خاصة طقوس العبادة وكيف وممارستها. لعل معبد أوام يحتفظ بالكثير من الأسرار التى تنتظر الاكتشاف والتى تعتبر وثيقة أساسية فيما يخص تاريخ اليمن القديم. الذي بدأ التنقيب عنه في أوائل الخمسينات من القرن العشرين.
مكانة أوام
احتل معبد أوام قديماً مكانة مميزة بين بقية معابد الإله المقه سواءً تلك المشيدة في حاضرة الدولة السبئية مأرب الاثارية او ضواحيها، أو تلك المشيدة في أنحاء اخرى من اليمن القديم، وقد تمثلت هذه الأهمية بأنه كان رمزاً للسلطة الدينية في سبأ .وفيه كان يتم تلقي أوامر وتعليمات الإله (المقه) إذ كانت الشعوب والقبائل المنطوية تحت اتحاد قبائل مملكة سبأ ملزمة بتقديم القرابين والنذور للإله (المقه) سيد معبد (أوام) كتعبير عن خضوعها لولاية الدولة السبئية .
وكان لازماُ على هذه الشعوب والقبائل التي ضمت إلى الدولة السبئية زيارة معبد (أوام) وتقديم القرابين والنذور لإله المقه سيد (أوام) كتعبير عن الخضوع والولاء ل دولة السبئية.
وإضافة إلى ذلك كان معبد أوام من أشهر الأماكن التي يحج إليها اليمنيين وغير اليمنيين، وكانت زيارات الحجيج تجرى في مواسم محددة من كل عام، وقد كانت هناك مواسم الحج الجماعي لمعبد أوام، بالإضافة الى موسم للحج الفردي و الذي كانت تختلف شعائره وطقوسه عن الحج الجماعي.