
الفن اليمني بدأ مع نشوء الحضارات في الألفية الثانية ق.م وكان إلى القرن الخامس ق.م نقيا من عوامل خارجية حتى بدأ التأثير اليوناني يظهر جليا على طريقة الصناع والنحاتين.
الفنون ليست بتعقيد اليونانية والرومانية التي تحرص على إبراز جمال الأجسام وكمالها وهو مالم يظهر في العربية الجنوبية فقلل المؤرخ جواد علي من التأثير اليوناني المزعوم. هناك أعمال تتشابه مع تلك اليونانية لكن غالب الأعمال هي انعكاس لثقافة يمنية بحتة والتأثيرات الخارجية تحدث لكل الأمم.
استخدم البلاستيك بالإضافة إلى البرونز والذهب والمرمر والرخام كثيرا وكانت المشكلة التي تواجه النحاتين هو عدم قدرتهم على إبراز ملامح الإنسان بشكل واضح وبالطبع اختلفت الأعمال باختلاف الفنان، فنجد أعمال دقيقة مصورة لكهنة وأناس من الطبقات الثرية وبعض الأعمال لمزارعين ونحاتين بسطاء لم تكن بنفس الجودة.
الأعمال المصنوعة من البرونز والرخام والمرمر أكثر دقة وواقعية من النقود. إذ فشل النحاتون في إظهار صورة الملوك جيدا على العملات لذلك تجد كثيرا من العملات هي نسخ حرفي لعملات يونانية ورومانية مع استبدال الحروف في العملة بحروف عربية جنوبية. لا توجد أعداد كثيرة لتماثيل كبيرة مصورة لبشر ويعتقد أن للإسلام سبب في ذلك بسبب اعتباره لمثل هذه التماثيل أصناما.
عدد كبير من التماثيل الكبيرة مكسور وغير واضح المعالم باستثناء ما بقي مطمورا تحت الأرض واكتشف حديثا فلم تصل إليه أيدي العابثين، فقد كان ينظر محطمي هذه الآثار القديمة التي تحكي تاريخ أجدادهم أنها لقوم كفار مغضوب عليهم وبالفعل الكثير من الآثار المكتشفة في اليمن مكسور عمدا. واستخدمت الأحجار لنحت الأسرة والكراسي والذهب والفضة آنية للأكل والشرب.
الرموز الدينية
كان اليمنيون يحرصون على إقحام رموزهم الدينية في المصنوعات فيزينون المباخر والمصابيح التي تضاء بالزيت بصور لوعول وثيران. وأستطاع الباحثون استنباط بعض جوانب الحياة اليومية لليمنيين من المنحوتات المصورة للناس وكونوا فكرة عن اللباس الذي كان يرتدونه وهو لا يختلف كثيرا عما يرتديه اليمنيون اليوم. وعثر على نقوش مصورة لنمط الحياة لمختلف الطبقات منها نقوش لنساء ثريات وهي كثيرة ومنها نقوش لتصوير احتفالات وتصوير لنساء راقصات وآلات موسيقية ومقاتلين ومزارعين وكل طبقات المجتمع من المكرب إلى “الآدم” وتكمن أهمية هذه الأعمال في تصوير وضع الحياة في اليمن.
العمارة اليمنية
كان اليمنيون بناؤون ومرد ذلك أنهم أهل حاضرة ومساكنهم ثابتة مستقرة حتى الأعراب وأهل الوبر منهم كان لديهم منازل تصنع من الديباج. ليست بتعقيد وثبات المدن، إلا أنها ليست خياما. وكانت اللغة المستخدمة ثرية بمصطلحات وألفاظ البناء.
كانت الحجارة المادة الأساسية لبناء البيوت في اليمن القديم، باستثناء المناطق الساحلية حيث استخدم البنائون الطوب. ومن فحص المواقع الأثرية القديمة ووصوف بعض أهل الأخبار مثل الهمداني لمعالم وقصور قديمة في اليمن كانت لا زالت باقية على أيامه، يتضح أن الطراز المعماري في اليمن القديم لا يختلف كثيرا عما هو باد اليوم في صنعاء القديمة، وكثير من المباني القديمة هدمت وأخذت حجارتها لبناء بيوت جديدة عبر عصور مختلفة. كانت هناك عادة في اليمن وهي نقش اسم البناء أو مالك المبنى مع ذكر اسم الإله تيمنا به في شاهد يوضع أمام البيت أو المعبد ومن هذه الكتابات أخذ الباحثون جل معرفتهم بتاريخ اليمن القديم.
تُحفر الحفر على حسب طول البناء المراد بنائه وتوضع الصخور والطين والأسفلت وتخلط بالماء وتترك إلى أن تجف، ثم تبنى الجدران القوية باستخدام مادة النورة. يطلى الجدار الخارجي للمنزل بينما يزين الداخلي بنقوش غالبا ما تكون لحيوانات كالوعول والثيران. وتتكون المباني من ثلاث إلى خمسة طوابق في الغالب وكان هناك استثنائات لقصور الملوك ويشار إلى السلالم التي تقود إلى الطوابق العليا بلفظة “علوه” في اللغة القديمة. أما السقف فهو “ظلل” و”مسقف” ويبنى بنفس الأدوات التي تستخدم لبناء الجدران. وبنيت النوافذ وكانت تصنع من الزجاج الملون بعدة ألوان مختلفة لإضاءة المنازل ولا تزال هذه العادة موجودة إلى اليوم وتسمى باللغة القديمة “مصبح”. ويطلق على البناء العالي المرتفع كلمة “صرحن” (الصرح) باللغة القديمة.
القلاع والحصون
أما الأبراج والقلاع والحصون فعرفت باسم “محفدن” (المحفد) في نقوش خط المسند وتبنى باستخدام حجر البلق القديم وتحوط بخنادق عادة وهي أشبه بثكنات عسكرية ليتحصن بها الجنود. كثير من البيوت في صنعاء تعود إلى فترة التاريخ القديم بدلالة وجود كتابات بخط المسند منقوشة على الجدران العليا للبيوت، إما أن البيوت تعود للتاريخ القديم أو أن حجارة المباني القديمة استخدمت لبناء بيوت جديدة.